هل تتذكر احساسك عندما استقبلت هذا الوجه البريء منذ عدة سنوات مضت وكأنها أسابيع؟ أكاد أن أرى ابتسامتك وأنت تستعيد ذكرى احتضان ابنتك لأول مرة. مرت الأيام وأنت تحاول أن تعلمها المشي، الكلام، قيادة الدراجة والحروف الأبجدية. هل تتذكر اول يوم صاحبتها الي المدرسة؟ هل كانت لذلك الوقت تقفز إلى عربتها إذا ما تعبت قدماها الصغيرتان من المشي وتجلس فيها وهي تنظر بانبهار لكل شيء حولها في الطريق إلى المدرسة؟ كم كانت اياماً رائعة. عندي من تلك الذكريات الكثير ايضاً، صديقي!
هل تتذكر احساسك عندما استقبلت هذا الوجه البريء منذ عدة سنوات مضت وكأنها أسابيع؟ أكاد أن أرى ابتسامتك وأنت تستعيد ذكرى احتضان ابنتك لأول مرة. مرت الأيام وأنت تحاول أن تعلمها المشي، الكلام، قيادة الدراجة والحروف الأبجدية. هل تتذكر اول يوم صاحبتها الي المدرسة؟ هل كانت لذلك الوقت تقفز إلى عربتها إذا ما تعبت قدماها الصغيرتان من المشي وتجلس فيها وهي تنظر بانبهار لكل شيء حولها في الطريق إلى المدرسة؟ كم كانت اياماً رائعة. عندي من تلك الذكريات الكثير ايضاً، صديقي!
ومرت سنة وراء سنة وعيد ميلاد وراء عيد ميلاد، حتي حان عيد الميلاد الذي اعطيتها هدية كانت تنتظرها هي منذ كثير. عبأتها بدقة وانتظرت حتى اطفأت الصغيرة شموعها القليلة لتعطيها لها. ربما سعدت في نفسك بقدرتك علي ان تهدي ابنتك هاتفا ًحتما لم تكن تملكه وأنت في عمرها. نحن نسعد عندما نشعر اننا نعطي أبناءنا ما لم يستطع اباؤنا اعطاءه لنا، اليس كذلك؟ سجلت لحظة فرحة ابنتك بهاتفها الجديد؟ طبعاً عندك صورة او مقطع لها وهي تبتسم بانبهار وتحاول ان تستكشف عالمها الجديد. هل اختفت بعدها في غرفتها لمدة ساعة وانت تضحك لفرحتها بلعبتها الجديدة. واليوم الثاني أصبحت الساعة ساعتين واليوم الثالث صارت الساعتان ثلاث ساعات؟ واليوم، هل صارت الصغيرة تكاد ألا تنظر في عينيك؟
أين ذهبت ابنتك وابنتي؟
أصبح لدي صغارنا صندوق الدنيا. ولكنه لا يشبه ابدا ذاك الذي تلقيناه كهدية في أعياد ميلادنا عندما كنا صغاراً وكنا ننظر بانبهار فنري صوراً تتحرك فيه. هذا الجهاز هو حرفياً صندوق الدنيا.
استغرب كثيراً الآن كيف أننا لانترك أولادنا يسافرون أو يذهبون إلى أماكن لا نعرفها بمفردهم. لا نتركهم مع غرباء. ولكننا قد أعطيناهم أجهزة تنقلهم الي أماكن لا نعرفها واشخاص لا نعرفهم ولانعرف مبادئهم ولا نياتهم، وإلى مواقع لا نعرف محتواها. هل يعرض انستجرام وتيك توك وسناب شات لبناتنا محتويات مناسبة لسنهم؟ كلا. هذه المواقع مليئة بالعري والمحتويات الجنسية والأفكار المسمومة والنكات التي نخجل نحن الكبار إذا سمعناها. كلها معروضة ليل نهار، وفي متناول يد اطفالنا طوال اليوم.
اذا كان استخدام الهواتف الذكية بشكل عام، يضعف الذاكرة ويشتت الانتباه حتى عند الكبار. فإن مواقع التواصل الاجتماعي تشوه العقل والقيم وتؤدي لكثير من الاضطرابات النفسية لدي المراهقين بالذات.
اخر الاحصائيات أوضحت ان اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل ، كالامتناع عن الطعام بغرض الوصول للنحافة واضطراب الشخصية الحدية وتشتت الانتباه وفقدان القدرة علي القراءة والتركيز على المواد الدراسية ومحاولات الانتحار كلها قد زادت في صفوف المراهقات المنبهرات بألاف الصور المعدلة والمزيفة لأجساد اخريات باحثات عن المال أو الشهرة وربما يكن أنفسهن نتاجاً للتعليم الممنهج لقيم التفاخر والمنافسة على جلب الانتباه والإعجاب.
مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تربي ابناءنا يا سادة وليس نحن من نفعل. انستجرام وسناب شات اقنعوا بناتنا أن الصور المنقحة بالفلتر هي المثال الذي يجب أن يقلدوه. أصبح الشكل الطبيعي قبيح مقارنة بصور الفلتر. أصبح الجسد الطبيعي يعد قبيحآً ومليئاً بالعيوب مقارنة بأجساد تلك الفتيات التي استخدمن برامج التنقيح وربما عمليات التجميل لنقل رسالة مشوهة لابنتك وابنتي عن معاييرالجمال، وكيف انهن وفقاً لها، غير جميلات. وبالتالي، يفقدن الثقة بأنفسهن. آلتيك توك علم أولادنا قيم السطحية والتفاهة والفن المبتذل.
كيف قد احضرت السم الي بيتي وغلفته واهديته بفخر لابنتي؟ كيف أحضرت أنت الثعبان الي فراش ابنتك؟
الدراسة أصبحت شبه مستحيلة بجانب الهواتف الذكية؟ القراءة أصبحت هواية زائلة عند الأغلبية العظمى من أولادنا. نحن أمام جيل جديد لا يقرأ، ولا يعرف تاريخه ولا يحترم حاضره ولا يعبأ بمستقبله. فقط يستهلك ويتصفح. وإن حدث وأنتج، كان نتاجاً تافهاً ليلبي رغبات مستهلكين هذه المواقع، فيصبح بذلك جزءاً من المشكلة.
نحن بسذاجة وحسن نية، قد سمحنا لصندوق الدنيا اللعين هذا أن يختطف أولادنا ويعلمهم قيم لا نقبلها. الهوة بيننا وبين بناتنا اصبحت كبيرة وستظل تتسع إذا لم نجد الحل. لذلك علينا ان نعلن الحرب على الشر المسلط عليهم وان نقوم بالرقابة على بعض هذه المواقع وحذف بعضها كلية. يجب أيضاً ان تحدد وقت قصير لاستخدام ابنك او ابنتك الهاتف خلال اليوم ويمكن ان تستبدله بهاتف الساعة. لا تسمح بكلمة سر على هواتف أبنائك. راقب كل تغيير في تصرفاتهم او تصرفات رفاقهم. افرض وقت للقراءة وبدونه لا هاتف اطلاقاً. خذ أبناءك إلى المكتبة. اقرأ معهم إذا استطعت. اجعل وقت معين تقضيه ابنتك المراهقة مع الأسرة حتى تحصل على المميزات التي تريدها. ارجوك، استعيد اولادك من فم الثعبان. وحتماً سأفعل أنا!
لحجز استشارة تفضل بزيارة الموقع الإلكتروني
https://www.amiraissa.net
المزيد
1