“تعليم الكبار”؛ إن أول صورة ذهنية مرتبطة بهذا المبدأ هي الشكل التقليدي لقاعة المحاضرات أو التدريب وتلقي العلم على يد مدرب معتمد أو محاضر، ولعل ما أسهم في نمطية هذه الصورة الذهنية عن تعليم الكبار هو الموروث الثقافي والمجتمعي بأن تعليم الكبار ينتهي بانتهاء الدراسة الأكاديمية، مهما كانت الدرجة العلمية فهي بنهاية الأمر شهادة تتوج فترة من الاستذكار العلمي وربما الأكاديمي.
قد تتجدد عملية التعلم بالتدريب الاحترافي في ورش العمل والمؤتمرات المهنية التي تفرضها بعض المؤسسات على العاملين بها بغية تطوير مهاراتهم العلمية والسلوكية والتي تسهم بشكل مباشر في إنجاز الأعمال الموكلة إليهم بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة.
“تعليم الكبار”؛ إن أول صورة ذهنية مرتبطة بهذا المبدأ هي الشكل التقليدي لقاعة المحاضرات أو التدريب وتلقي العلم على يد مدرب معتمد أو محاضر، ولعل ما أسهم في نمطية هذه الصورة الذهنية عن تعليم الكبار هو الموروث الثقافي والمجتمعي بأن تعليم الكبار ينتهي بانتهاء الدراسة الأكاديمية، مهما كانت الدرجة العلمية فهي بنهاية الأمر شهادة تتوج فترة من الاستذكار العلمي وربما الأكاديمي.
قد تتجدد عملية التعلم بالتدريب الاحترافي في ورش العمل والمؤتمرات المهنية التي تفرضها بعض المؤسسات على العاملين بها بغية تطوير مهاراتهم العلمية والسلوكية والتي تسهم بشكل مباشر في إنجاز الأعمال الموكلة إليهم بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة.
إلا أن مبدأ تعليم الكبار لا يتعين أن ينطوي فقط على التعلم الرسمي أو الأكاديمي، فكل منا يتعلم الجديد بشكل يومي أو شبه يومي دون أن ندري وبشكل لا وعيي. فهل تذكر كم من مرة يا عزيزي استندت إلى مهاراتك الشخصية في إصلاح شيء ما بالمنزل؟ ربما تكون قد سألت شخصا أكثر دراية منك بالأمر، وربما تكون شاهدت فيديو على اليوتيوب عن كيفية إصلاح هذا الشيء، وربما تكون قد اجتررت ذكرى كيف فعلها أو أصلحها عامل إصلاح من قبل، أو ربما تكون فتشت بعض مواقع التواصل الاجتماعي عن أفضل وسائل الإصلاح بنفسك، دون اللجوء إلى الشخص المختص. ولعل أيضا دافعك في ذلك يكون توفير الأجر، وبالتالي ضغط النفقات، أو عدم التذلل لفني الإصلاح، أو الحفاظ على وقتك بدلا من إهداره في انتظار العامل الفني. الحقيقة أن ما فعلته هو أنك مارست واحدة من أبرز ممارسات تعليم الكبار بمفهومه الحديث، فالكبار لا يتعلمون فقط لدى المؤسسات الأكاديمية، لكنهم يتعلمون من خلال خبراتهم الحياتية المتنوعة وعلاقاتهم الاجتماعية والمجتمعات التي يحتكون بها.
الأمثلة كثيرة يا عزيزي، ولكن الأبرز على الإطلاق هو ما نراه في الجيل الجديد الذي أبدع مفهوما جديدا في عالم تعليم الكبار، وهو مفهوم (Do It Yourself – DIY) والذي يعني ببساطة (اصنعها بنفسك)؛ ففي معترك حياتنا الحديثة أصبحت البطالة واقعا تفرضه الظروف الاقتصادية العالمية وليست المحلية فقط، ولكن هناك أمثلة مشرقة من الشباب والشابات الذين أدركوا كيف يصنعون لنفسهم مهنة وتسويقها عبر تواصل المنصات الالكترونية، فنجد مثلا من يقوم بالطباعة على الملابس، أو بصناعة أكواب على نحو مبتكر وجديد، وهناك من يبيع الزهور، وهناك من يقدم خدمة التوصيل، وهناك من يقوم بإصلاح الهواتف المحمولة، وهناك من يقدم أفكار للرياضة المنزلية والبرامج الغذائية، وهناك من يشرح الفروق بين أنواع السيارات، وهناك من يقدم خدمات الاستشارات المهنية وخدمات التسكين…إلخ. كلها نماذج مشرقة لريادة الأعمال وفكرة تطبيق المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
كيف تكون البداية؟ البداية يا عزيزي والسر هو القراءة؛ وذلك لأن اكتساب مهارة القراءة يعني بناء درعٍ واقٍ ضد كل مآسي الحياة، ومهما كانت مشاغلك، عليك أن توفر وقتا للقراءة، وإلا ستعيش حياتك في جهل تام تختاره أنت لنفسك. وأنا لا أتحدث عن القراءة بصفتها واحدة من الهوايات المتعارف عليها لأن تلك هي قراءة الأطفال، التي لا تهدف إلا للاستمتاع، لكنني أقصد فعل القراءة المتدبرة المتأنية التي تمنح عقلك مساحة من التحدي للأفكار، فقراءة الكبار ينبغي أن تكون مثيرة للأفكار والتشكك في الإجابات الموروثة المتعارف عليها.
إن قراءة التنوير التي أتحدث عنها هي ذلك الفعل المتعمد نحو سبر أغوار فكرة ما أو تمييز جوهرا نفيسا من وسط عَرَض وجبات القراءة السريعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، الهدف يا عزيزي أن يكن هناك نور للعقول.
تحياتي
د. زياد شاكر
7
1