من اصعب المشاعر الانسانية هو الاحساس بالظلم لاسيما عندما يكون الانسان لايملك الحيلة للدفاع عن نفسه او عندما يقع الظلم عليه ربما من أقرب الناس إليه.
تعلمنا ان الحياة غير منصفة أليس كذلك ؟ رغم ذلك في أغلب الاحيان عندما يقع الظلم علينا نظل نتساءل اسئلة من نوعية ؛ لماذا أنا؟ أو لماذا الآن؟ ماذنبي في كل مايحدث؟ الخ، ولكن تبقى الإجابات لهذه الأسئلة وغيرها مبهمة وغير مفهومة في أغلب الأحيان مما يؤدي إلي مزيد من الإحباط وتكريس لفكرة الضحية اللتي سنتحدث عنها هنا بإسهاب ، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية.
من اصعب المشاعر الانسانية هو الاحساس بالظلم لاسيما عندما يكون الانسان لايملك الحيلة للدفاع عن نفسه او عندما يقع الظلم عليه ربما من أقرب الناس إليه.
تعلمنا ان الحياة غير منصفة أليس كذلك ؟ رغم ذلك في أغلب الاحيان عندما يقع الظلم علينا نظل نتساءل اسئلة من نوعية ؛ لماذا أنا؟ أو لماذا الآن؟ ماذنبي في كل مايحدث؟ الخ، ولكن تبقى الإجابات لهذه الأسئلة وغيرها مبهمة وغير مفهومة في أغلب الأحيان مما يؤدي إلي مزيد من الإحباط وتكريس لفكرة الضحية اللتي سنتحدث عنها هنا بإسهاب ، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية.
ولمزيد من التوضيح فان المشكلة لاتمكن في ان يكون الانسان ضحية حقيقية فكلنا معرضون لهذا لكن الخطورة أن يعيش الانسان ويتعايش مع هذا الإحساس ويتصرف على هذا الأساس، انه ضحية. الخطورة ليست في ان تكون ضحية بل في ان تتعامل مع نفسك والآخرين بذهنية الضحية
أعود إلى عنوان المقال قبل أن أشرع في التحدث عن أسباب وطرق التخلص من فكرة الضحية اللتي ربما تعشش في ذهن البعض وهي فكرة دونية ان تملكت حياة شخص حولتها إلى جحيم ويصبح الشخص غير قادر على الاعتماد على نفسه ويفقد قدرته على النجاح او حتى مجرد الانجاز ويصبح انسان عاجز عن تغير الواقع البائس الذي يعيشه ويصبح جُلَ إهتمامه أن يجد شخص أو هيئة أو مؤسسة ترعاه وتنجز له مايعجز هو عن إنجازه!
عنوان المقال “لن أعيش في جلباب الضحية” مأخوذ عن إسم مسلسل ذائع السيط إسمه “لن أعيش في جلباب أبي” تم عرضه في العام ١٩٩٦ بطولة الفنان الراحل نور الشريف. ويحكي المسلسل عن قصة عبد الغفور وهو شاب فقير وكيف رفض أن يعيش حياة الفقر وابتدأ يعمل بجد حتى وصل إلى غايته، وبغض النظر عن بعض الطرق الملتوية اللتي إتبعها في بعض الأحيان وأيضا عن إكتشافه في النهاية بعد أن نال مبتغاه أن السعادة لم تكن في المال ، لكنه نجح في تغير واقع أجبرته عليه الظروف اللتي لم يكن له ذنب فيها الى واقع مختلف وهذا ماسوف نتحدث عنه وهو بيت القصيد من إختيار عنوان المقال!
في هذا المقال سوف أستعرض معك خطورة ان يعيش الانسان ويتعايش مع فكرة الضحية وكيف يمكن أن يتخلص من هذا الامر ويتقدم في حياته، لكن دعنا نستعرض أولا أهم الاسباب اللتي تؤدي بالانسان الى هذا الفكر أي فكر الضحية وان يصل إلى قناعة كاملة بأنه عاجز تماما على تغير واقعه المرير. وهنا أود أن أكرر أنه قد يكون الشخص فعلا ضحية ونحن لانقلل من شأن مصائب الناس بأي حال من الأحوال فمنها الجلل الذي يتخطى احتمال البعض، لكن الغرض ان هؤلاء يجدون مخرجا لأنفسهم من هوة اليأس حتى وإن بدا طريق الخروج وعرا لكنه غير مستحيل.
فما هي الأسباب اللتي تصل بالإنسان الى فكر الضحية ؟
١- السبب الاول أن يكون الانسان فعلًا وقع ضحية لظروف لاقدرة له بالسيطرة عليها ومنها على سبيل المثال
أ) أمور تتعلق بالآخرين، كفقر الاهل وقهرهم وضيق ذات اليد أو إنفصال الأهل أو أن يكون وقع على الشخص إعتداءات جسدية أو لفظية متكررة بالأخص في مرحلة الطفولة أو فقدان عنصر الأمان في الحياة كالأب مثلا في سن مبكرة أو الإنتماء لأقلية مضطهدة عرقيا أو سياسيا
ب) أمور تتعلق بالشخص نفسه، كأن يولد الانسان قليل الذكاء أو ليس لديه ثقة كافية بالنفس أوان يكون من أصحاب الأمراض المزمنة أو الاحتياجات الخاصة واللتي لاتُمَّكنه أن يعيش بطريقة طبيعية. وتضيق بعض المجتمعات على هؤلاء مما قد يزيد الأمر تعقيدا. وقد يتمادى البعض في المجتمعات الذكورية المتطرفة في أن يميز ضد المرأة لمجرد كونها أنثى.
في كل الأحوال قد يلقي الانسان باللوم وربما بالغضب على الآخرين أو الظروف أو كلاهما معا ويظل يرثي لحاله شهور وسنين ربما تمتد بطول عمر الانسان
٢- السبب الثاني الذي يؤدي الى أن يتبنى الإنسان فكر الضحية هو وجود قيادات منحرفة وفي الأغلب تكون قيادات سياسية أو دينية تغذي هذا الفكر أي فكر الضحية لدى تابعيها. فلطالما ترسخ هذا الفكر في ذهن الشخص ستزداد في حياته فكرة “الإعتمادية” فيظل تابعا أمينًا معتمدا على هذه القيادة أو تلك لكي تتخذ له قراراته وتشكل له حياته بما يصب في مصلحتها فيما يظن هو أنها، أي القيادة، تعمل لمصلحته. أعطيك بعض الأمثلة فقط للتوضيح ، وأنا لاأشير هنا من قريب أو بعيد إلى نظام ديني أو سياسي معين فهذه ليست غاية المقال بأي حال من الأحوال.
مثال: أن تنادي القيادة بطرق معلنة أو خفية، على غير الواقع، الى تابعيها من هذه الجماعة أو تلك بأنهم أقلية مضطهدة تحتاج إلى دعم وتستخدم القيادة كل مالديها من سلطة ووسائل إعلام وغيرها لتكرس لهذا الفكر. وقد يتمادى هؤلاء القادة بإستدعاء التاريخ الذي يحمل ظلما حقيقيا لهذه الجماعات التابعة لهم كحروب عرقية أو دينية مثلا، ثم يحاكمون هذا التاريخ ويحكمون عليه بأدوات اليوم من قيم ومبادئ انسانية فيبدون أي القادة، أكثر نبلًا ، وبينما هم غارقون في فساد أخلاقهم يزداد تابعيهم غضبا وحنقا ويترسخ في داخلهم فكر الضحية. وتكمن الخطورة في ان هؤلاء الموهومين بفكر الضحية يقومون بأعمال انتقامية او تخريبية كحرق دورالعبادة مثلا كما نرى في بعض البلدان او حوادث طعن ضد أبرياء أو عنف ضد بعض مؤسسات الدولة. ومن الملاحظ أيضا كنتيجة لهذاالأمر تنامي العنف اللفظي وربما المادي حتى في أبسط الأمور مثل طرح الأفكار والايدولوجيا ت وأنا لاأبالغ إن قلت ان الامر ربما يتطور إلى حروب أهلية حتى في البلدان اللتي تبدو مستقرة من الناحية السياسية والاقتصادية.
٣- السبب الثالث اللذي ساعد على إنتشار هذه الافكار هو وسائل التواصل الإجتماعي.
تنامى في العِقد الماضي دور وسائل التواصل الإجتماعي وأصبحت رغم فوائدها تمثل عبء وخطورة على الصحة النفسية للأفراد والمجتمعات. وفي إطار موضوعنا اليوم أريد أن أشير لبعض التأثيرات السلبية المباشرة لوسائل التواصل الاجتماعي.
التأثير الأول: هو عندما يعبر من يتبنى فكر الضحية بصورة صاخبة عن مشاعره الحزينة والمجروحة، وقد يكون شكل التعبير في صورة سرد لواقعه المرير دون إبداء أي أمل في تغير إيجابي في المستقبل القريب أو البعيد. ولأن حياة البشر تتشابه تجذب مثل هذه المشاركات المملؤة بالخبرات السلبية ربما مئات أو آلاف المتابعين، وهنا تتضاعف القيمة السلبية لدى البعض وتصبح هذه المشاركات عبئا ثقيلا لايستطيع الانسان أن يحتمله فيصاب بالإكتئاب وغيره من الأمراض النفسية.
التأثير الثاني: تكوين جبهات قد يتم التخطيط لها من قبل بعض الأشخاص او المؤسسات من أصحاب المصلحة أو ربما تتكون مجموعات بشكل عشوائي، تتبنى وجهات نظر متحيزة ونظرة ضيقة لبعض الأمور المُختَلف عليها وتصادر على الرأي الآخر المعارض وكأنها تمتلك الحق المطلق. تلعب هذه الجبهات او الجهات في أغلب الأحيان على عاطفة المتلقي وتتجنب أي حوار منطقي للأمور المطروحة. أمثلة لهذه المجموعات هم من يتحدثون عن الإسلاموفوبيا، حركة حياة السود مهمة، تغير المناخ وغيرها … وهنا أنا لاأنفي وجود تميز ضد البعض لكن استغلال هذا التميز واظهاره بصورة مبالغ فيها من اجل مصلحة أو مكسب سياسي أو معنوي أو مادي، شئ ينبغي مراجعته ومناقشته بعقلانية.
٤- السبب الرابع والأخير الذي يجعل الشخص يرتدي جلباب الضحية هو سهولة امكانية الحصول على مكانة مجتمعية يحصل من خلالها الشخص على بعض المكاسب دون ادنى مجهود يُذكر وذلك فقط من خلال هويته الدينية أو العرقية. ومن الملاحظ ان هذه المكاسب تكون قصيرة الأجل، أما على المدى البعيد يكون لها تأثير مدمر على المجتمع.
أما الآن وقد تكلمنا عن الاسباب والخطورة دعونا نتطرق الى طرق الحل لكي يتخلص الانسان من جلباب الضحية.
قبل أن أشرع في طرح الحلول أريد أن أعرج على قصة ذكرها لوقا في إنجيله والهدف هنا كما ذكرت في مقال سابق، ليس مشاركة تعليم مسيحي فأنا أعلم أن قراء الجريدة المحترمون ينتمون لخلفيات مختلفة لكن عندما نجد العبرة في قصة ما وجب علينا ان ننظر إليها بعناية. وهاهي القصة كما رواها كاتب الانجيل ثم سأشرح المغزى منها فيما يخص موضوع المقال.
هنا تحكي القصة عن شخص لديه نسبة من العجز الذي لاذنب له فيه وواضح انه كان يجلس في الشوارع ليستعطف الناس كي يعطوه صدقة ولاتحكي القصة كم كانت عدد السنين التي مرت عليه قبل ان يعبر عليه السيد المسيح فيطلب منه ان يحرره من مرضه وهنا تتغير حياة الرجل وتتبدل من حال الي حال آخر.
والآن ماهي الدروس المستفادة؟ وكيف يمكن ان تكون ذات قيمة رائعة ان كنت تريد أن تتخلص من جلباب الضحية وتنطلق بحياتك في الاتجاه الصحيح؟
١ – كن فضوليًا: تساءل عن حلول خارج نطاق خبراتك ربما من خلال الاطلاع على وجهات نظر مغايرة لما تعتقده أنت من فكر انهزامي تغذيه خبرات فشل شخصية أو مجموعة من المنتفعين من وضعك كضحية. ففي قصة الأعمى سأل بحثا عن حل، ماعسى أن يكون هذا؟ فانتهره المنتفعون.
٢- الإصرار على التغير: مرة أخرى في قصة الاعمى يقول، “صرخ أكثر كثيرًا ” فالتغير يبدأ من الداخل عندما تطلق صرخة تتمرد بها على وضع الضحية وكل فكر يغذيه وتقرر أنك ستملك زمام الأمور. فكن مثابرًا وكما قلنا سابقا أن الأمر يحتاج إلى الكثير من الجهد.
٣- حِط نفسك بنماذج ناجحة أو نجحت في عبور حاجز فكر الضحية.
٤- إعرف أن لديك قدرة محدودة على التغير بنفسك لذلك أنت تحتاج الى الآخرين ممن يؤمنون بك كما ذكرت آنفًا لكن أيضا تحتاج إلى قدرة إلهيه تساعدك على التغير كما حدث مع الأعمى، فأطلبها وتمسك بها. وإعرف أن الله دائما سيتعاطف معك لكن بطريقة صحيحة.
٥- استخدم العقل في تفنيد الأفكار السلبية وفكر كيف يمكن أن تتعامل مع ظروفك الصعبة بطرق خلاقة دون ان تستسلم إلي تلك الظروف.
٦- قنن من أوقات وطرق إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي.
٧- إن كنت تبتغي حقا التغير والنجاح فلتكن أمينًا مع نفسك في ان هويتك العرقية او الدينة المُهَّمشة لاينبغي أن تكون في بؤرة اهتماماتك لتستدر من خلالها عطف الآخرين أو بغية الحصول على وضع إجتماعي مميز.
في النهاية اريد ان أذكرك أن كلنا في هذه الحياة ضحايا لكن بدرجات متفاوتة، لكن ليس كلنا مستسلمون للهزائم اللتي لادخل لنا ببعضها، فقم وتشدد وإنطلق بحياتك في اتجاه النجاح غير عابئ بصرخات اليأس وأصوات المنتفعين.
وأترككم مع هذا البيت الشعري لشوقي
أرحب بأسئلة وتعليقات القراء المحترمين
المزيد
1