البعض يقول بأن الأخلاق منشأها الدين، ولكن هذه المقولة غير دقيقة وربما لا أصل لها من الصحة، إذ أن الحضارتين القديمتين الرومانية واليونانية درستا علم الأخلاق منذ آلاف السنوات. إن علم الأخلاق هو ما يطلق عليه (deontology) والمصطلح مكون من مقطعين؛ الأول (deon) أي المسئولية باليونانية القديمة و(logos) أي علم أو دراسة؛ لذا اقترنت دراسة الأخلاق قديما بالمسئولية، ولا عجب أن التطور الحديث والمعاصر لذلك العلم يربط بين أفعال الشخص ومسئوليته التي يختار من خلالها القيام بذلك الفعل الأخلاقي أو اللاأخلاقي؛ أي ما هي الاختيارات المطلوبة أخلاقيا أو المحظورة أو المسموحة، بعبارة أخرى، يقع علم الأخلاق ضمن مجال النظريات الأخلاقية التي توجه وتقيم اختياراتنا لما يجب علينا فعله. أما إقران الفعل الأخلاقي بالدين فليس إلا أسطورة تناقلتها الأديان سواء السماوية منها مثل اليهودية والمسيحية والإسلام، أو الأرضية الوضعية مثل البوذية، والمجوسية، والهندوسية.
البعض يقول بأن الأخلاق منشأها الدين، ولكن هذه المقولة غير دقيقة وربما لا أصل لها من الصحة، إذ أن الحضارتين القديمتين الرومانية واليونانية درستا علم الأخلاق منذ آلاف السنوات. إن علم الأخلاق هو ما يطلق عليه (deontology) والمصطلح مكون من مقطعين؛ الأول (deon) أي المسئولية باليونانية القديمة و(logos) أي علم أو دراسة؛ لذا اقترنت دراسة الأخلاق قديما بالمسئولية، ولا عجب أن التطور الحديث والمعاصر لذلك العلم يربط بين أفعال الشخص ومسئوليته التي يختار من خلالها القيام بذلك الفعل الأخلاقي أو اللاأخلاقي؛ أي ما هي الاختيارات المطلوبة أخلاقيا أو المحظورة أو المسموحة، بعبارة أخرى، يقع علم الأخلاق ضمن مجال النظريات الأخلاقية التي توجه وتقيم اختياراتنا لما يجب علينا فعله. أما إقران الفعل الأخلاقي بالدين فليس إلا أسطورة تناقلتها الأديان سواء السماوية منها مثل اليهودية والمسيحية والإسلام، أو الأرضية الوضعية مثل البوذية، والمجوسية، والهندوسية.
والسؤال هنا، ما العلاقة بين الدين والإيمان والروحانية من ناحية وعلم الأخلاق من ناحية أخرى؟ دعني أيها القارئ العزيز أضع خطا فاصلا بين المصطلحات الثلاثة. أولا: الدين هو الشكل المؤسسي لممارسة عقيدة معينة ودائما ما يقترن هذا الشكل المؤسسي بممارسة طقوس معينة وارتداء ملابس معينة وممارسة تلك الطقوس في أماكن معينة كالمعبد أو الكنيسة أو المسجد، وهناك دوما التسلسل الهرمي لهيكل رجال الدين الذين يدعمون ممارسة تلك الطقوس ويصبغونها القدسية اللازمة. ثانيا: الإيمان، هو ذلك الشعور بالانتماء لعقيدة معينة مثل الوحدانية أو عقيدة الثالوث أو حتى العقيدة الداروينية التي تفسر نشأة وتطاور الجنس البشري. ثالثا: الروحانية، هي تلك الممارسة الشخصية التي تربط بين العقل والقلب في تأمل الكون، فالروحانية تقترن بممارسات مثل اليوجا، أو العلاج بالطاقة، والممارسات الصوفية في إطلاق العنان للنفس للتواصل مع الذات العلية وهكذا، لذلك فإن الروحانية فريدة في فلسفتها وشخصية جدا في ممارساتها.
والسؤال مرة أخرى، هل يمكن أن يكون الشخص متدينا ومؤمنا وروحانيا؟ الإجابة؛ أجل هذا جائز، ولكن ليس على نحو حتمي. تمهل ودعني أفسر! قد يكون شخص ما يدين بديانة سماوية (فهو متدين، أي ينتمي لدين منظم)، ويؤمن بالعقيدة التي يدعمها هذا الدين السماوي (سواء كانت الوحدانية، أو عقيدة الثالوث، أو كلاهما)، وفي نفس الوقت تكون له ممارساته الروحانية التي يسمو من خلالها فوق نطاق الممارسة الطقسية، ويعبر إلى تأمل الخلق وإحصاء النعم، والانغماس في محبة الخلق (إنسان وحيوان وطير). إن هذه العلاقات التي وضحتها الآن ليست حتمية التشابك أو الترتيب، فمثلا هناك المتدين الذي لا يتخطى إيمانه عتبات دار العبادة، وهناك المؤمن الذي لا يذهب إلى دور العبادة، وهناك الشخص الروحاني الذي يخلق لنفسه علاقة فريدة مع الذات العلية دونما الانتماء إلى دين أو الالتزام بعقيدة. التقط أنفاسك واقرأ مرة ثانية، هل تذكر مقولة رفاعة الطهطاوي في كتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز” أنه رأي في فرنسا مسلمون بلا إسلام؟ تعلمنا في مدارسنا أنه كان يقصد أن الشعب الفرنسي يتعامل بالأخلاق الحميدة والقيم الروحية السامية التي يختار أن يكون مسئولا عنها؛ أي أن التحلي بالأخلاق هو فعل إرادي مسئول لا علاقة له بالدين، ولا علاقة له بالإيمان، ولا علاقة له بالروحانية.
السؤال الأخير، كيف تصف نفسك؟ في أي القوالب تضع نفسك؟ هل تنصاع إلى فكر العوام وتدعي بأن الأخلاق منشأها الدين؟ أم أنك ستتخطى حواجز نفسك وفكرك وتتفكر في ذاتك؟ أيا كان قرارك، ليكن نور!
تحياتي
د. زياد شاكر
دكتوراه الأدب الإنجليزي
وباحث أكاديمي بجامعة تكساس الأمريكية
7
1