حاولت أنام الليلة دي، لكن معرفتش، وفضلت سهرانة طول الليل و انا شايفة قدامي البيت خلاص حطيته كله في كراتين النقل.. و كلها ساعات و تيجي شركة النقل، و تنقلني لبيت جديد..
و بدأت افتكر احداث كتير عدت علي و مراحل أكتر.. يعني انا دخلت البيت ده و انا ما كنتش تميت ال 34 سنة، و بعدها بفترة قصيرة احتفلت بعيد ميلادي الأول فيه، و في كندا، وكنت كمان يا دوب لسه ماسكة اول شغل لي..
و بعدها بفترة قصيرة جدا اتعرفت على روميو، و بدأت قصتي معاه اللي من أولها لأخرها و اللي كلها تعب و مشاكل للأسف، لكن كان فيها برضه لحظات فرح، و كفاية اني حققت حلمي و لبست فستان ابيض كنت وقتها عداه فعلا من أحلامي..
و في نفس البيت ربنا رزقني بأبني و بقيت أم،و جت زارتني ماما و عشت معاها فيه احلى ايام.. مرورا بانفصالي عن روميو،و قراري اني اسيب البيت..
عدت كل الأحداث دي زي شريط لفيلم مكانش سهل، بس كان ممتع لأنه كان مليان دروس، و كان مليان أحداث..
و حسيت مشاعري متلخبطة جدا.. و بالرغم من أن الأيام الصعبة في البيت ده كانت اكتر من الحلوة، الا اني لقيته صعبان علي ،و كنت متأثرة اني سايباه و ماشية..
و طلع النهار،و جاتلي جارتي مدرسة الانجليزي و قعدت مع البيبي لحد ما أخلص شغلي مع شركة النقل، و كمان صاحبتها و جوزها اللي جم و عرضوا انهم ينقلوا معايا حاجات بسيطة.. و اننا نركب معاهم كلهم عربيتهم الكبيرة، و يوصلونا على بيتنا الجديد..
و قبل ما امشي صورت كل البيت بعد ما نضفته علشان ابعت صوره لصاحب البيت، و أكد له اني سايباه في حالة كويسة جدا.. أما الحاجة الوحيدة اللي معرفتش اطلعها و لا عرفت شركة النقل تفكها كانت سرير روميو الحديد، و اضطرينا نسيبه، و بعت لصاحب البيت اشرح له الموضوع و قال لي:
“مفيش مشكلة اهم حاجة ميكونش فيه (بيد باج – بق الفرش) لأن طبعا دي مشكلة كبيرة..
و أكدت له ان السرير نضيف و مفهوش اي بق، و أكد لي انه هيتعامل معاه بمعرفته..
و مشينا من البيت، و أكدت على صاحب البيت اني يكلمني لو وصلت له جوابات انا مستنية وصولها، و اهمهم جواب الهجرة..
و انطلقنا كلنا على البيت الجديد و كان بالعربية يبعد 10 دقايق بالظبط من بيتي القديم.. أما بالمواصلات فكان 20 دقيقة مع مشي 10 دقايق..
و وصلنا ..و من أول ما دخلت المنطقة كنت حاسة احساس غريب.. كنت حاسة برهبة، وكآبة في نفس الوقت مع اننا لسه الصبح بدري.. كنت بحاول أكدب احساسي، و افرح نفسي بأني مشيت و رايحة بيت ارخص، و هكون فيه لوحدي.. بس كانت جوايا حاجة مش مطمنة ابدا.. و طبعا عمر ما احساسي خاني..
ووصلت شركة النقل.. و كان معايا ناس كتير، لكن ما وصلتش الست (السينجل مام) صاحبة البيت، و استغربت جدا منها حتى لما اتصلت بها قالت لي:”معلش انا مش هقدر اجي هبقى اعدي عليكي بكرة.. و كده كده انتِ معاكي المفتاح”
و بدأنا ننزل في الحاجة و كانت مهمة صعبة جدا لأن البيت كان غريب .. كان اربع ادوار وكل دور فيه أوضه.. و كان فيه سرداب تحت الأرض مرعب جدا و اللي كان فيه أوضة الغسيل..
كان المستوى الاول المطبخ و منه سلالم بتنزل على اوضة المعيشة و كانت صغيرة و مفهاش اي اضاءة .. بعد كده سلالم كتير بتطلع على غرف النوم .. كان البيت فيه 3 اوض، و كانت كل اوضة في دور … و بسرعة فكرت ان اول اوضة تكون لي انا و البيبي، و الثانية افرشها اوضة نوم تانية، و الثالثة تكون أوضة مكتب..
و بالرغم من كبر البيت، الا انه كان فيه حمام واحد بين الاوضة الاولى و الثانية، و كان حلو وفيه بانيو .. فكنت مبسوطة به الصراحة..
و في عز مرحلة إدخال العفش.. لقيت رجل ضخم شكله من(جزر الكاريبي) جاني و قال لي:
“انتِ مين؟”
قلت له:” انا الساكنة الجديدة”
قال لي:” طيب.. بس انا معنديش معلومات ان الوحدة دي هتتسكن جديد.. انتِ قصدك بتجيبي عفش جديد؟ لأن على حد معلوماتي الوحدة دي اتسكنت من سنة ”
كنت حاسة ان فيه لخبطة في الموضوع، وفكرة ان الست واخده بيت حكومي و بتأجره طبعا حاجة مش صح حتى لو هي شايفة غير كده.. و رديت على الرجل و سألته:” و انت مين؟”
قال لي:” أنا السوبر انتدينت- مشرف السكن”
رديت بمنتهى الهدوء و قلت له:” هو كده بالظبط.. جايبة عفش جديد”
ومحاولتش اخد و ادي معاه كتير لأني عارفة ان الامور مش واضحة و عدم وجود الست معايا مكانش مقوي موقفي طبعا..
و كلمتها على طول علشان تيجي تتكلم مع المشرف و قال لها:” انا لما سالتها قالت لي انها الساكنة الجديدة”
قالت له:” لا هي تقصد انها هتقعد معايا و العفش ده بتاعي”
و دخلت المسرحية و الكدبة دي على المشرف بس من جوايا مكنتش مبسوطة، وكنت حاسة بالخداع و اتكلمت مع صاحبة البيت اللي جاتلي تاني يوم وقلت لها:
“انا حاسة ان السكن ده هيكون وراه مشاكل.. بصي انا عاملة معاكي عقد سنه، لكن انا بأيدي و اسناني هدور على حاجة تانية، وكمان هفضل اتابع موضوع سكن الحكومة”
و بابتسامة صفراء قالت لي:” طبعا..حقك”
و بعد ما عديت الموقف ده و مشي كل الناس لقيت نفسي في بيت كبير مع ابني ،و من كتر التعب و الارهاق نمت و حطيته في سريره بعد ليلة ما نمتش فيها قبل النقل، و يوم نقل مرهق جدا..
و صحيت و انا بحاول اكتشف البيت و المكان ،و اللي كان بالنسبة لي منطقة جديدة علي تماما، و وجه من تورنتو مكنتش شوفته قبل كده..
كانت كل البيوت شبه بعض و كأنها محاطة بسور، و كانت معظم الناس من أصحاب البشرة السوداء.. وكانوا بالتحديد من جزر الكاريبي مع القليل من الجنسيات الأخرى..
كمان كان يغلب على المكان عدد الأطفال الكتير … اما الريحة السايدة فكانت ريحة الويد أو الحشيش اللي تقريبا اتعودت عليها زي ما تكون ريحة المكان كله..
و حاولت اظبط الانترنت و اشوف ايه اللي ناقص في البيت.. و استجمعت قواي و نزلت البدروم او السرداب اللي كان حقيقي زي اللي بيطلعوا في افلام الرعب..
كان ضلمة جدا ماعدا الجزء اللي فيه نشافة الملابس، و اكتشفت ان مفيش غسالة، و بالتالي دي حاجة لازم اشتريها لو قررت اني اقعد شوية في بيت الأشباح ده..
و لفت نظري اوضة ملحقة باوضة الغسيل و حاولت الاقي لها اي لمبة و لا نور مكانش فيها ،و كانت ضلمة كحل حتى واحنا في عز النهار، و طبعا السرداب كله مفهوش شباك ،و بالتالي مفهوش اي منفذ إضاءة طبيعية..

و وقفت على مدخل الاوضة الضلمة و افتكرت زمان لما كانوا بيخوفونا و احنا صغيرين و يقولوا لنا اللي هيتشاقى هنحبسه في اوضة الفيران، و تخيلتها هي دي اوضة الفيران، و قد كان..
و طلعت من السرداب المرعب و عملت فطار لي انا وابني … كان ابني يا دوب لسه مكمل 6 شهور.. و كنا يوم 2 أكتوبر ،و كنت بحتفل بكل شهر يكبره في السنة الأولى بأني اصوره وانا حاطه على هدومه استيكر عليه رقم بيوضح الشهر اللي تمه..
و لبسته و حطيتله الاستيكر، و قررت اني اخرج استكشف المنطقة بعد ما استكشفت بيت الأشباح.. و قبل ما نطلع ضحك لي ابني، و ساعتها شوفت حاجة جديدة علي.. يا ترى شوفت ايه مع ابو ضحكة جنان؟

8