و قعدت قدام البحيرة ساعات وساعات في يوم بعتبره اليوم اللي براجع فيه حياتي مرة واحدة في السنة.. أو بيبقى يوم بتكون لي فيه مع نفسي وقفة .. أشوف فيها اللي فات و النقطة اللي أنا موجودة عندها في الوقت الحاضر و احلامي و أمالي للي جاي..
و إفتكرت من أول ما جيت على كندا من 5 سنين بالظبط لحد اللحظة دي..حاولت أقيم أول 5 سنين لي كوافدة جديدة على الأرض البعيدة.. البعيدة عن كل حاجة و كل حد..
و قعدت قدام البحيرة ساعات وساعات في يوم بعتبره اليوم اللي براجع فيه حياتي مرة واحدة في السنة.. أو بيبقى يوم بتكون لي فيه مع نفسي وقفة .. أشوف فيها اللي فات و النقطة اللي أنا موجودة عندها في الوقت الحاضر و احلامي و أمالي للي جاي..
و إفتكرت من أول ما جيت على كندا من 5 سنين بالظبط لحد اللحظة دي..حاولت أقيم أول 5 سنين لي كوافدة جديدة على الأرض البعيدة.. البعيدة عن كل حاجة و كل حد..
لقيت نفسي مريت بأول سنة هجرة و اتعلمت منها دروس كتير وفهمت أساسيات العيشة في كندا..اتغلبت على معظم تحديات السنة الأولى زي السكن و زي أول الأشغال حتى الوحدة تخيلت إني تغلبت عليها وقتها..
و في السنة الثانية لما بدأتها بجوازة كلها أمل و تفاؤل و نظرة على مستقبل فيه عيلة و استقرار و مشاركة .. كانت سنة أول سنة جواز .. و افتكرت مرت علي إزاي و في نهايتها فهمت إنه كان مجرد حلم و اتقلب لكابوس ببساطة شديدة..
و وصلتني السنة الثانية لثالث سنة لي في كندا و مرحلة جديدة من عمري وهي مرحلة الأمومة.. و هنا عشت تجربة فاقت توقعاتي لكن كمان شكلت شخصيتي و اكسبتني صفات كتير حلوة أهمها الصبر والاهتمام بالغير.. و اللي يمكن مكانش عندي قبل كده بالدرجة العالية دي، لكن الأمومة غيرتني أو ممكن اقول قومتني..
و فضل عندي تحدي و عقبة واقفة في حياتي كمهاجرة جديدة و هو تحدي الشغل .. و إيه الطريق اللي هكمل فيه في كندا!
هل هفضل شغالة موظفة في شركة تأمين .. وظيفة بتقتل كل طموحاتي و تحد من أحلامي .. و لا هلاقي طريق بديل؟!
و لقيت الإجابة في بداية السنة الرابعة لما بدأت البيزنس الخاص بي و بدأت رحلة ريادة الأعمال في كندا.. و علشان كده سميت رابع سنة لي هنا.. أول سنة بيزنس
و لأني حضرت برامج كتير كلها عن ريادة الأعمال بدأت أفهم البيزنس من وجهة النظر الكندية.. و ده لأن أهم هدف لي هو النجاح.. و مش شايفة حاجة غيره.. اتعلمت حاجات كتير اهمها التخطيط و تحديد الأولويات و دراسة الفكرة و تحويلها لخطة مشروع كاملة و اشتغلت على حاجة مهمة جدا كمان و هي ال Network و اللي تقريبا في أهمية رأس مال أي صاحب عمل و أحيانا ممكن تغنيه كمان عن الفلوس و ده طبعا يعتمد على طبيعة ونوعية المشروع..
لكن مش دايما الحاجات بتمشي زي ما احنا عايزين.. و ساعات بتحصل حاجات خارجة عن إرادتنا تماما..
و ده اللي حصل لي في السنة الخامسة لما وباء الكورونا اتفشى في العالم و كان له تأثير مدمر على كل حاجة حوالينا..
لكن ما حسيتش ان ده ممكن يأثر علي و لا يمكن يغير من أهدافي وأحلامي
و لأن أحلامي تبلورت في حلم شقة مصر.. فكان حلم يعتمد على المادة في توقيت صعب جدا من الناحية دي
حاولت أفكر وأحلل الموقف.. هل الحلم ده مناسب للوقت ده؟ ولا أفضل مكملة رغما عن أنف الوقت و الظروف؟
و الإجابة إني لو مقتنعة بحلمي و مؤمنة به يبقى لازم أكمل رغما عن أنف كل شيء..
وتحول الحلم لتحدي كبير.. حسسني إني في سباق مع الزمن و مع الكورونا..
و لقيت نفسي عديت بخيبات أمل كتير .. و انخدعت كمان في ناس كنت فكراهم فيهم خير
و حاولت اتجاوز الألم بالأمل.. و ازاي ما اعملش كده و هما كلمتين حروفهم واحدة لكن ترتيبهم مختلف..
حطيت الأمل في كل حاجة حواليا.. أمل بدد أي ألم و أي تعب
لحد ما الدنيا بدأت تبقى بمبي بمبي و خلص الخريف و بدأت تبقى الدنيا ربيع
و فتحت ورود كتير حواليا.. زي شغلي مع المؤسسات في موضوع تدريس ريادة الأعمال و توقيعي عقود مع عملاء جديدة و تحقيقي حلم نشري لأول كتاب لي- أحلام وردية و أخيرا امتحان الجنسية اللي عملته و اجتازته بمنتهى السهولة..
و بصيت لقيت نفسي بقرب جدا من اني اكمل أول مبلغ كبير لي في أقساط الشقة و اللي على اساسه هيكتب العقد الإبتدائي.. بس فاضل له شوية.. يعني معايا لحد 31 ديسمبر 2021..
و لما بصيت على النتايج الحلوة دي .. لخصت أول 5 سنين لي في كندا في مقالة نشرتها تبع الجريدة الفلسطينية الكندية – ساخر سبيل و كتب مقالة سميتها : ميلاد نسر من جديد.. قلت فيها:
أكتب اليوم هذه المقالة احتفالا بمرور خمس سنوات على وجودي في بلاد المهجر- كندا!
نعم أحتفل بميلادي من جديد و منح الله لي و من بعده الإرادة القدرة على أن أولد من جديد و كأني مثل النسر في مرحلة مهمة جدا من مراحل حياته.
فعندما تركت دبي، وهي مرحلة شاقة جدا تعلمت منها الكثير، وفي المقابل أخذت مني الكثير . وجدت في آخر الأمر أني منهكة القوى تماما. و بالرغم من عدم تجاوزي الثالثة و ثلاثين وقتها، إلا إنني أحسست إنه قد أصابني العجز قبل الأوان، و كان لابد لي من وقفة مع النفس واتخاذ قرار اعتبره من اهم قرارات حياتي، و هو الهجرة.
و هنا حدث لي تماما مثلما يحدث للنسر في مرحلة من حياته عندما يشعر بالضعف و إن قوته لم تعد مثل ما كانت عليه من قبل. و يترك النسر في هذه المرحلة مع خيارين فقط : إما أن يموت أو يمر بعملية تغيير مؤلمة تستمر 150 يوما، تتطلب العملية أن يطير النسر إلى قمة الجبل ويجلس على عشه، وهناك يقرع النسر منقاره أمام صخرة إلى أن يخرجه، وكذلك مخالبه، وعندما تنمو مخالبه الجديدة يبدأ النسر في نتف الريش المسن، وبعد خمسة أشهر، يأخذ النسر رحلته المشهورة باسم الولادة الجديدة ويعيش لمدة 30 عاما أخرى .
و هذا ما قررت فعله. لقد تركت مرحلة دبي و طرت بعيدا و ذهبت إلى أعلى الجبل و جلست مع نفسي أطول فترة ممكنة شهور و شهور محاولة البحث عن حقيقتي و إصلاح ما يمكن إصلاحه و التخلص من العادات البالية التي أهلكتني و طالما أضعفتني.
و بعد هذه الشهور في رحلة البحث عن حقيقتي، شعرت بقوة جناحي مرة أخرى، و من على أعلى نقطة ارتفعت، و قمت بالطيران تماما مثلما يفعل النسر بعد ولادته من جديد.
و اكتشفت إن قوتي أصبحت مختلفة، فهي لم تعد مثل ما كنت عليه و لكنها مناسبة تماما للمرحلة التي أعيشها لأن الحياة بكل ما فيها من تحديات لا يمكن أبدا العيش فيها دون مخالب أو أجنحة قوية أو إرادة تمكننا من تخطي صعابها دون الاعتماد على الغير. فالمهاجر غالبا ما يكون وحيدا مهما كثر حوله البشر، وهنا عليه أن يتدبر لأمر النسر الذي يعيش وحيدا أيضا، لكنه بلا منازع أقوى الطيور و أكثرها كبرياء على وجه الأرض.
و حسيت من اللحظة دي إن أول 5 سنين لي في كندا كانوا هم أساس كل اللي جاي.. و أهم حاجة في اللي جاي الطريق اللي قدرت أعرف بالظبط نقطة بدايته الصح بدل ما افضل بلف في دواير مغلقة..
و طيرت من أعلى الجبل تمام زي النسر.. بجناحين قويين و رؤية واضحة..و فضل القلب زي ما هو قلب كله حب و خير.. أكبر نعمة و أحلى هدية هداني بها ربنا..
و في نهاية أحلام مهاجرة سطرت أخر سطور في حكاية الشابة المهاجرة اللي هتبدأ حكايات جديدة لكن مش كمهاجرة.. هتبدأها بشخصية جديدة هترسم شكل قصتها في مرحلة جديدة من عمرها .. هتكون كندية العقل و عربية القلب .. عشان تعيش أحداث سلسلة جديدة من (جعلوني كندية) بدل من (أحلام مهاجرة)..
و ألقاكم على خير في أجزاء جديدة و حكايات حلوة من جعلوني كندية..
ريهام طعيمه
المزيد
1