لطالما حدثت ابنتي نفسها بقذف كرات الثلج شتاًء بسفوح الجبال، ولكثرما حثتني على السفر لبلاد الصقيع لزيارة مدن الجليد لافتعال التهاوش فقط للتقاذف بكرات الثلج
بالمقابل، لطالما أوصتني مربيتي في طفولتي
لطالما حدثت ابنتي نفسها بقذف كرات الثلج شتاًء بسفوح الجبال، ولكثرما حثتني على السفر لبلاد الصقيع لزيارة مدن الجليد لافتعال التهاوش فقط للتقاذف بكرات الثلج
بالمقابل، لطالما أوصتني مربيتي في طفولتي
: “حاذري من رمي قطرات المياه على أحد، ففي شرعتها يُعد “رش المياه عداوة”، كونه يُجسد إحدى صور الإستتخفاف بالبشر.
فما الذي جعل إلقاء قطرات المياه بمثابة إعلانًا للضغينة ومعذرًة للتباغض بشرعة مربيتي، ثم لا تلبث أن تتجمد المياه، وجليد طاهر تصير، فيغدو رمي كرات الثلوج رمزًا للمجاهرة بالمرح ولمنادمة الفرح ولمسامرة البهجة كما وإعلانًا رسميًا للسعادة بالنسبة لإبنتي؟
..
انه التطبع بأنماط مقولبة لمشاعر مستعارة من الأخرين كما في حالة مربيتي وأمثالها
أو بالمقابل، القدرة على التبرؤ من هكذا ترجمات زائفة و قوالب مضللة بالتخلص من نَير استعمار وعبودية اغلال معاني مفروضة علينا من جهلة، تلكم الأغلال التي تنمط حياتنا بطبائع اصطلح على نعتها بالتقاليد ولو بالية كانت
أو لربما الجهل بكل ما سبق كما هو الحال بالنسبة لابنتي ومن هم على طفولتها.
..
– قد تكون جهالة الطفولة بنوازع الشر المدفون في غائر محاقد القلوب.. تلك التي تترجم النصوص الجمالية ترجمات زائفة تشوه معاني الحياة هو أحد المحفزات للإنبساط دون خوف مما هو آت.
فحرًا يحيا الطفل من التقيد بمحاكلة مشاعر سواه أوالإنسياق لطبائعهم النكِدة كونه حديث عهٍد بأجندة الدنيا ومدنييها.
……………………….. مضارع الممنوحات ……………………….
لكم نقبت غائرًا حتى تيقنت أن من أثمن ما وهبت هو حب التأمل المعطوف بالتفكر، والمنتج للمعاني مع القدرة على البيان والأيضاح بحصيلة معجمية ثرية.
على أني لمست في نفسي مذ مطلع العقد الرابع من عمري هبة الهبات وهي منحة لذة اجترار النعم واستشعارها قُبيل غيابها، مع إعادة التلذذ بماضي الذكريات وبمضارع الممنوحات وبقديم العطايا وعتيق الموجودات كما واستبشر بهبوب رياح القابل من المِنَح.
فعديمة الزهد أنا في القيم الجمالية التى تحيط بي، عدا شرهي في العسعسة عن كل مُبهج، وإن ضعف بصري مذ طفولتي، إلا أن بصيرتي محتدة، تغنيني عن عوينات الطفولة ولا تعشى عن التقاط البديع
..
-قد انتشي بالذهاب لحديقة فيحاء ولي ولع بالترحال وروحي تطال عنان السماء في ليلٍة شاتيٍة، قمراٍء، نَجماء.
ولا زلت ألتفت لتغاريد الحساسين كما تطربني تسابيح السنونو في سويعات البكور وتستوقفني قطرات الندى على الزهور.
..
على أني، لكي أنتشي، لست بمسيس الحاجة لمطالعة الينابيع والجداول بين الصخور
فقد أطالع ما هو أجمل من تلكم الصور في بيت من قصيد الأشعار،
كما أن رؤية قوارير مؤن بيتي ولوربع ممتلئة، تُطمئنني.
كل زر أكبسه، فأجده لا يزال يعمل لأي ماكينة بداري يُسهم بسهٍم يضوي بالأخضر في بورصة راحتي ويصب عليّ أقدارًا من السكينة صب الهوينى.
-أرى بدًا من عدم إنكار أن لي كسواي، قسطًا من الرزايا، وبنًدا من البلايا وحظًا من الأحزان .. كما أعترف أني حظيت بعدد من الكبوات ورهطًا من السقطات التي لا أجروء على مجرد ذكرها
قد أُثرثر عن أحزاني الصغار، على أني أتباكم عن شيخ الأحزان، اللهم إلا بُغية إستشارة حكيم، ولا اتعامل مع مشاكلي جلها بإيجابية، لكن بعضها قد تغلبت عليه بالتعاطي معه كتمرينات قفز حواجز، فيما الآخر، استعملت معه سلاح الإقصاء.
-كلما خذلني شتائي بوابل الدمع لإفساد محصولي، صبرت حتى حصاد موسم ربيع البسمات .. حتى أعييت سارق الفرح، فعجز عن نشل محافظ مباهجي، إلا كمن اقتنص الفكة وترك المجوهرات، المصاغ، الأصول، الأرصدة والعقارات.
-أدفع من وقتي للأنكاد حال مطالبتها بمستحقاتها من نفقات بند الاحزان..واحتسبها كضرورات تسديد اقساطي من الضريبة الحياتية، لكنني على يقين أن رب العالمين لن يجعل تلكُم الغرامات تحولني لمفلسة.
..
-المس في نفسي عدم حاجتي لمفجأة من العيار الثقيل ليندفع منسوب سعادتي لشاهق .. وحتى بأحلك المواقف فإن الجليل حباني بقدرة على إعادة الشحن، كناقة، لا تحتاج سوى لجرة مياه وبعض العُشب لتستكمل رحلة حياة وإن شاقة، لكن ستصل بإذن الله آمنة معافاه، على أمل أن يصاحبني في الدرب صِغاري من النُوق و الجِمال.
..
-يخرج أبنائي وزوجي صباحًا، متجهين كٍل إلي مساره، فأرتد صوب داري وأنظر إليه ويكأني أدخله لأول مرة، فأرى اللوحات والمرايا على الجدران كأني أطالع هدايا جديدة وصلتني و لسان روحي يقول:” شكرا لكل نعمة بداري.
..
يرُدُّ إليّ رب العالمين نفائسي سالمين، كٍل من مدارسهم ومكاتبهم، فأغمرهم ويغمرني شعور بإمتنان أن ملء قلبي أمان بعودة دعائم البيت لأركانها سالمة، فتسكن نفسي وتزداد طمأنينة.
..
-أجلس على الأرائك، فتخالجني مشاعر مخملية كتلك التي زارتني أول مرة صبيحة يوم أشحت بنفسي من عليها الأوراق البلاستيكية غرة يوم وضِعَت بداري.
..
-أعرج على مكتبي وأرقب كتبي تلك التي أداريها كزوج غيور يخفي عروسه عن عيون الزائرين خشية استعارة كتاب لا يُرجى رده وكلما فتحت أركان مكتبتي كأنما فُتحت على الدنيا بجنباتها.
-تدعس قدماي على البُسط والطنافس، فأغوص في رفاهٍة ويتصاعد لذهني طيف صعوبات البدايات، فلكم بِت في دور حليقة من أعاجم السجاد فُرسها وتُركها.
..
-انظر لهذا “النيش” الخشبي الوسيم، ذاك الذي إذ فجاة ثار عليه بني قومي واتهموه أنه بلا عازة، فأعتز بوجوده وأراه يعنون رغد يستَوجِب الشعور بالتنعيم ومن ثم اصيل الرضى.. فاقترب من نيشي و اهامسه ” سعيدة بوجودك ..منور”.
-أشرد في الثُريّات المزدانة بها أسقف مسكني، فهي نجوم بيتي ولآلئه، وإن كانت معظمها غير موصولة بالكهرباء، إلا أن التحليق فيها يستدعي ذكريات معركتي مع زوجي واصراري على تعليقها لتعضيد مسوح الجمال في دارنا، فأحمد لله على انتصاري في “غزوة الثُريات” ضد شريكي، ولكم أشعر أنها تنير قلبينا وإن لم تُنِر مسكننا.
..
-أطالع الفُرُش والدُثُر، المتناثرة حولي، حتى القديم منها لا زال يدغدغ بصري، فيستفيق ذهني بنشوة أن هناك رونق يُحيطني.
-رائحة الليمون بالعسل تُسعف ذاكرتي أنه قد حيزت لي في طفولتي قدرًا من العناية بصحتي حال مرضي وإن لم أعُضل.
استبشر بعشاء عائلي أو فطور جُمعي أو بشتى روائح الطبخ في التنور.
وأطير فرحًا لو عثرت على نصف ليمونة مخفية بالبراد حال لزمتني عُصارتها لتحضير الفول على السحور
..
-صوري محاطة بأسرتي أوجلسة بجانب المدفأة في ليالي الكوانين الباردة أوقبالة المكيف في صباحات تموز الخانقة كفيلة برسم ابتسامة على ثغري، كما وأثمن نزهة ربيعية غير مكلفة مع الأحبة في المراتع بين ثنايا أغصان الزهور.
يشهق فؤادي غبطًة حين تقع عيني على حرف أنيق أوفكر عميق في خطب د.عدنان ابراهيم أو معاني بين خفايا السطور استشفها في كتب العقاد، اسخيليوس ، فولتير، موليير، بلزاك، بوشكن.
……
-بالزهري يتلون يومي فأشعر بإحتفاء القدر بي لو وجدت منفذًا لصف مركبتي فيما سواي لا زال يلف، يبحث و يدور.
….
-سُلافة عطر تُرَفِه حواسي وكأنما قد حيزت لي أشهر حوانيت العطور.
-تطربني ايماءة من جارتي بثغر بسّام أن حيّاكم الله وحفظك من الشرور
-قريرة العين أنام، بُعيد وصولي لبيتي سالمة ثم اكتشافي أن الوقود قد نفذ مباشرة عقب الوصول
-التفت لكون إسطوانة الغاز لم تفرغ حال تحضيري وليمة لجمع أهليّ أو أي من غرباء الحضور
…
-آنية فضية ، كأس زجاجي براق، محارم زهرية، إرث من فخاريات عتيقة أو نحاسيات القدور، توصف من البعض كحطام للدنيا.
هكذا حطام، قادرٌ على أن يَصُبُّ عليّ – أنيًا- سطلًا من عصير السرور.
…
-منحني الجليل قدرة الإستشعار بضياء النور حال سطوعه، لا التحسر عليه بُعيد انقطاع الكهرباء،
بالتنعم بعذب الماء حال تدفقه لا ساعة وقوفه عن السريان في الجدول.
وهذا ما يجعلني أتخطى أقداري من البلاء. والعجيب انني حتى حال انفعالي في مشادة، اشعر بارهاق بدني ونفسي لكني واعية أن هكذا عابر سبيل قد يسرق من فتات سكوني على انه لن يطل كنوز خزانة سعادتي.
…
-وصلني أن المَسَرّة ليست حالة سرمدية، بل هي طيف متذبذ كذاك الموجود بأجهزة قياس ضربات القلب. لذا، فبكل مرة أشغل فيها محرك السيارة، ويعمل، يرن في أذني جرسًا منبهًا بأن تناولي لحظة التساهيل وأمضغيها بتمهل لتعملقي طيف بهجتك أوعلى أقل تقدير –استشعريه- بشكل مستوي، واع و مدرك لكافة نعمك، الممنوح منها والممنوع، والمعلوم منها والمجهول.
..
-أجدها نعمة عُظمي تقذف غبطة قس قلبي أن تَعْمُر حافظتي بثمن وجبة معطوفة بإكرامية النادِل، فذلك يُمثل لي هدنة من عناء سجال مطبخي وفرصة للتنزه مع أسرتي.
ذات الغبطة والقفزة المسهما حين تخلو حافظتي من نقد الوجبة، بيد أني عوضًا عنهما مُنحت القدرة على صُنع الأطايب، ما وفر لعائلتي طعامًا صحيًا حمل عن ميزانية أسرتي رهقًا ماديًا.
…………………
-لقد تنبهت لحتمية التعامل مع هدايا السماء ك”فانز”، كمعجبة تطوق لنجمها المفضل لا كزوج يمتلك زوجته بعقد قران مؤبد .. فإن ضاعت مني هداياي، فلقد كنت أعلم سلفًا أنها لم تكن يومًا من ممتلكاتي.
لكن يظل هاجس الثلاث مجوهرات النفيسات – ابنائي- يؤرقني.. اللهم ما دمهم علي نعم واحفظهم من الزوال.
…
-أعجز عن شكر ربي لعظم نعمائه بإبقاء أفراد أسرتي ي وأحبابي وذراريهم، لبقائهم مقيدين بجداول الأحياء، وإن لم التقِ بمعظمهم مذ عقود، إلا أن دقات قلوبهم تُطرب سمائي بدويّ سيمفوني أسطوري، كما أن طيب شهقاتهم مع زفراتهم، فضًل من رب فضيل، فهم زنبقة تعطر أكسوجين رئتاي.
-عدد الصحون المكسورة في منزلنا والخدوش الخفية كما والمرئية على طاولة طعامنا والشموع الذائبة أوالمحترقة كما وبصمات أيدي صغاري الملطخة للجدران لم تعد تؤرقني كسالف عهدي، بل باتت تذكرني أننا استخدمنا هبات الله وهداياه ولم نحرم أنفسنا منها إدخارًا لمجهول أوللمباهة أمام ضيوف غرباء أم أقرباء.
..
صور أفراد عائلتي معطوف إليها أحبتي، أعلقها داخل أُطر لأبرج بها مطبخي وغرفة معيشتي، لتنبهني أنه مهما زارتني ساعات الكدر، إلا أن حياتي ضجت بحلو الأوقات، فاستبقي شعور السرور حيًا، طازجًا.
..
-رسالة تصلني من زميلة سابقة تُخبرني فيها أنه ما أن تعثُر على جديد مقالاتي حتى تُسارع بمنح أبنائها هواتفهم ليلتهوا بها عنها، وتطلب من مساعدتها تحضير كوبين من الشاي بالنعنع، ثم تنادي زوجها ليجتمعان في مكتبه حيث تقرأ عليه سطوري بمنأي عن الضوضاء.
هكذا إطراء من زميلة قلم لا تستكبر عن الإشادة بكتابات “بنت كارها” تفيض علىّ يقينًا بأن دنياي أكثر من بخير.
..
– َيلِجُ زوجي للدار ثائرًا، فأُغاضِب، ثم لا ألبث أن أتذكر كم هو وسيمًا، قسيمًا مُحببًا ومُحبًا لبيته وأهلهه، فأشرع في التنقيب بحاويات ذكرياتي عن كل ذريرة جمال ألّفت بين روحينا، فأعثر على وابلًا من كنوز تملأ دهور، على أن أنفسها أني لا زلت أشعر بحلاوة سلام أول لقاء بأيدينا.
..
– لا زلت أركب القطار في السفر، فأطرب وأندهش لكون الأشجار تتسابق للخلف والقطار للأمام وأشعر بمتعة استباقي لها، تمامًا كما كنت صغيرة غريرة؟
– الهو مع أولادي لمحض اللهو، لا لإرضائهم، بل أمتنع عن التسللي بأي العاٍب الكترونيٍة لا تستهويني اللهم الا “بيانو تايلز” كوني استمتع بها، كما تستهويني الضامة والعاب الورق سيما الكونكان.
..
نعم، لازلت أقفز طربًا حينما “اكونكن” وأطلقها مدوية بصوت كابيتال، ماجوسكيول
كونكاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااان
ولا استسيغ التساهل مع صغاري لامنحهم متعة زائفة بالإنتصار.. وتنتابني حالة لا معقولة من التشفي في خصمي حين أفوز عليه – سيما زوجي- في لعبة الطاولة -عادة كانت أو محبوسة.
.
نعم ما استطاع سارق الأحزان نشل محافظ أفراحي إلا كمن اختلس شلنات السعد لكنه ترك مجوهرات الرحة، وأصول الرضا وعقارات السكينة والحبور
-لكن حري بي الإعتراف أني صبية، كثرما اقتبست مشاعر سواى وكثرما تماهيت مع من أحببت في محيطي،
فهذا حزين، فلنكتئب له
وهذا تعس، فلنعزف على سوناتة المآسي معه
وهذا شكاء، فالنشاركه البوح
وهذا بكاء، فلنحتذي حذوه، حذاء بحذاء في جنائز النوح.
-لكن حرصي على البحث عن ذاتي الحقيقية دعاني للكف عن إدعاء مشاعر لم تنتابني .. فصُمتُ عن التباكى وقلبي يضحك، وأحجمت عن التفاكه فيما يكون عقلي شارد، مُنَكّد
ولقد أُلحد عن إبداء بهجتي بكتم قهقهاتي مخافة الحُسّاد والحُقّاد، كما لا أتباهي بمباهجي أمام التعساء، على أن قلبي مطمئن ومؤمن بأن الفرح موجود وأن السعد مولود، اللهم إلا لسويعات صعبة أو أيام نكِدة لا تلبث أن تزول.
و اتفق مع مع ذكره نصًا المفكر د.عدنان ابراهيم عن ندرة وجود القادرين على استبقاء مشاعر الدهشة والفرحة والانبساط سوى الأطفال.
فبحسب العالم الفاضل نصًا: “فالطفل هو الكائن الأكثر فرحًا في العالم ، وندر من الناس من هو قادر على استبقاء بقية من الطفولة، بقية من الدهشة، بقية من السئالية، بقية من الفرح .. فالطفل قادر على إدارة فرحته وعلى مواصلة المرح الذي لا منطق له سوى الاندكاك والإندماج في هذا العالم”.
..
..
و يشرح المفكر الكبير وجهة نظره فيقول أن:” الطفل يستطيع مواصلة الفرح بالانجذاب للعالم دون ملل بضحك متواصل، لأن كل ما في العالم يجذبه ويثير فضوله، فهو لايفتأ يتمتع بلذة الاكتشاف لكل ما هو طازج، كونه يتمكن من رؤية أشياء يعجز الكبار عن رؤيتها” أو يتعامون عنها.
و لقد استشهد الدكتور عدنان بنص رائع للشاعر الإنجليزي “وليم ورث ورف” حيث كتب:
“إن الرؤية اللماعة النفاذة للطفولة تنفذ لإستبصار الروعة في العشب والمجد في الأزهار.
Splendor in the grass and Glory in the flower
تلك الأعشاب التي تجعسها أقدام الكبار دون الالتفات الي روعتها.
..
و يتأسف المفكر الكبير ” لضعف المعجمية والحصيلة البيانية للأطفال ما يخذلهم، فيعجزون عن التعبير عن بعض ما يشعرون به
إزاء القمر حين يرونه مكتمل
إزاء شقحة البطيخ ملقاه على الطاولة أو أرضًأ
إزاء وردة يشمون عبقها
إزاء النهر الجاري والبحر الهدار
وإزاء ما لا يتناهي من هذه الآيات الربانية في الآفاق العلوية أو السفلية
فيا حسرة على طفولتنا الغائبة
..
..
انتهت الكلمات العدنانية بالتحسر على طفولة البشرية الغائبة، لكنه أسرّنا بسِر الهناء حينما أطلعنا في خطبته الأكثر من رائعة “مش عادي” أنه
-أبدًا ليس عاديًا أن يعود رجل لبيته محملًا بطلبات البيت من فاكهة، خُضر، بَقْل وأطايب، سيما لو قارنّا بينه وبين من يعود سكران، جَائِش، ثَائِر، مُضْطَرِب.
..
-و ليس عاديًا أن يجد زوج طعامه مُحضر وبيته مرتب ر وزوجته الصيّنة بانتظاره، في ظل وجود زوجات مهملات بل وخائنات.
..
-كما ذكر أنه ليس عاديًا أن تجد وظيفة تمولك، مهنة تحققك، موهبة تحفزك أوعائلة تساندك في ظل وجود أطنان من البشر يعانون البطالة والضياع وسواهم يتصارعون في قاعات المحاكم للحصول على شهادة نسب.
..
-بل لقد ذكر أنه ليس عاديًا أن تستطيع قضاء حاجتك دون صعوبات فيما سواك بالمشافي ينفقون دراهمهم، دنانيرهم بل ودولاراتهم، للتخلص من فضلات أجسادهم متكبدين الآم جِسام.
فكم هو حتمي أن نتعامل مع مِنن الله ونِعماؤه على أنها شيء غيرعادي.
– ويا حسرةَ على من لا يجيدون سرقة عبق نسيم الفصول الأربع من محلات الدنا الفسيحة المجانية.
..
– ويا حسرةَ على من ينسون تَسول الفرحة من بالونات فقاعات الصابون حال هم يغتسلون.
ويا حسرة على من لا يرون المجد في الأوراد والروعة في الأعشاب كما ورد عن الشاعر الإنجليزي العظيم.
..
ويا حسرة على قومي إنهم أناس يحترفون الهم.. وبالحُزن هُمّ يحتفون
وبقطرات مياه ملقاه يتباغضون
أن قبلتنا صوب المشارق
فليت شمس السعادة تُشرق على قلوب آسناٍت، هرِمٍة، غَرِبة.. ويا ليتهم يسعدون.
بقلم : دالية الحديدي
كاتبة مصرية
المزيد
1