و بدأ شهر سبتمبر 2019 ..و اللي مع بدايته خلاني أروح و اعد الأيام الفعلية اللي عشتها في كندا و لقيتها: ..1095 يعني تقريبا 3 سنين كاملين.. و افتكرت ان ده اهم شرط من شروط التقديم على الجنسية الكندية، و قلت لنفسي:
“يلا ابدأي جمعي ورقك علشان تقدمي خلال الشهر ده”
و فعلا بدأت بالاستمارة و خلصتها، و يمكن خدت مني نص يوم لوحدها..
بعد كده صورت كل الأوراق المطلوبة، و دفعت الرسوم و اللي كانت 500 دولار
و بدأ شهر سبتمبر 2019 ..و اللي مع بدايته خلاني أروح و اعد الأيام الفعلية اللي عشتها في كندا و لقيتها: ..1095 يعني تقريبا 3 سنين كاملين.. و افتكرت ان ده اهم شرط من شروط التقديم على الجنسية الكندية، و قلت لنفسي:
“يلا ابدأي جمعي ورقك علشان تقدمي خلال الشهر ده”
و فعلا بدأت بالاستمارة و خلصتها، و يمكن خدت مني نص يوم لوحدها..
بعد كده صورت كل الأوراق المطلوبة، و دفعت الرسوم و اللي كانت 500 دولار
و بعد ما خلصت كل حاجة حطيت كل الأوراق في ظرف، و بعتها لإدارة الهجرة والجنسية علشان يفتحوا لي ملف الجنسية اللي في العادي بتاخد من سنة لسنة ونص إجراءات، لكن في حالتي خدت أكتر من سنتين بسبب الكورونا اللي هتيجي بعد كده..
و خلصت من الخطوة دي و ما اجلتهاش ابدا و أنجزت المهمة بنجاح..
و في نفس الشهر و في اوائل ايامه جالي تليفون من أقرب (داي كير) كانت جنب البيت و ده لأني كنت عملت بنصيحة الست الاثيوبية و فضلت أزن عليهم علشان يقبلوا ابني عندهم في الحضانة.. اتصلت بي المديرة و قالت لي:
“في مكان فضي .. تقدري تنقلي ابنك من يوم 3 سبتمبر”
و طيرت من الفرحة لأن ده معناه إني لأول مرة هشتغل من البيت بدل ما كنت بشتغل من البيزنس هاب اللي في المركز و اللي كان في الأخر زحمة و مبقتش حاسة فيه بأي خصوصية، و لا بعرف اركز فيه زي الاول..
و ظبطت الأمور مع بعض، و رحت بلغت الست صاحبة الحضانة المنزلية ان خلاص هنقل ابني من عندها..
حاولت اجيب لها هدية على قدي.. و اتفاجأت انها جايبالي هدية كبيرة و جميلة جدا، و شنطة ضخمة مليانة لعب و هدوم تجنن لماريو و معظمها حاجات جديدة كلها من عند حفيدها اللي اكبر منه بسنه ونص..
و حضنتني.. و لأنها برازيلية و دمها قريب لينا أوي كمصريين لقيتها بتعيط.. و سألتها :
“بتعيطي ليه؟”
قالت لي:” انا لما بشوفك جسمي بيقشعر من حياتك و كفاحك.. فاكرة لما مكنتش عارفه هتروحي تعيشي فين. و تقريبا اترميتي في الشارع؟ شوفي دلوقتي عندك عربية جميلة و بتسوقيها، و كمان وشك بدأ ينور و يبان عليه الراحة اللي قعدتي كتير محرومة منها.. و عندك بيت انا من الصور مش مصدقة الجمال، و بقيتي واقفة على رجلك، و مكتبك شغال و عندك عملاء”
و فعلا هي اختصرت حياتي في الكلام ده، و لما قالته قعدت اعيط معاها، بس مسحت دموعي بسرعة، و طبطبت عليها وقلت لها:
“الحياة مش سهلة لأي حد.. المهم اننا نفضل مكملين”
و حضنتني حضن كبير. و قبل ما امشي قالت لي:
“ابقي اسألي علي دايما من وقت للتاني.. ”
و لأني وعدتها اني اسأل عليها دايما.. ففضلنا دايما على اتصال مع بعض خصوصا إن حياتها انقلبت بصورة كبيرة بعد الفترة دي..
و بكده ودعت منطقة (سان كلير ويست) المفضلة بالنسبة لي، لكن خليت (الفاميلي دكتور) هناك علشان حاجة تفضل ربطاني بها دايما..
وقضيت الويك اند مع ابني على البحيرة و استمتعنا بعرض ال snowbird أو القوات الجوية الملكية الكندية و اللي عبارة عن عرض طيارات ساحر فكرني ببابا، و اللي كان غرامه الطيارت بحكم طبيعة شغله الأولى و اللي فضل طول عمره يحكيلي عنها أيام ما كان في سلاح الطيران..
و فضل ابني يشاور على الطيارات و اقول له كلمة طيارة بالعربي و بالانجليزي.. بس حسيت الكلمة مش طالعة عنده اوي، لكن لقيته لوحده قال لي كلمة (ماما)..
حسيت ان كلمة ماما هي الجايزة اللي خدتها منه بعد سنه و 5 شهور، و انها زي ما تكون شهادة تقدير منحها لي ابني و اعتراف منه بأمومتي..
و مسكت إيده الصغيرة، و شاورت بها على الطيارات و قلت له:
“تحب تسافر قريب؟” “طيب ما نفسكش تروح مصر؟”
طبعا هو مش فاهم انا بقوله ايه، لكن دي كانت امنية عندي و كان نفسي حقيقي أنزل مصر لأنها وحشتني جدا..
و قلت لنفسي :” انتِ معاكي مبلغ متبقي بعد المصاريف ينفع تحجزي به رحلة على مصر، و كده كده الولد لسه عمره تحت السنتين، و بالتالي تذكرته 10 % من قيمة تذكرتي يعني شبه مجانية”
و فعلا عملت حسابي اني احجز رحلة على مصر، بس امتى كنت لسه مقررتش..
و انتهى شغل الست الاثيوبية معانا، و ودعتنا هي كمان..
حتى الممرضة كمان شغلها خلص معايا، و ودعتني و راحت..
و بدأ ابني يروح على الحضانة الجديدة و اللي كانت كلها مميزات: منها إنها 10 دقايق مشي من البيت و 3 دقايق بالعربية، و كمان حلوة و كبيرة و مش منزلية.. و بالرغم من انهم اقل سن بيقبلوه هو 18 شهر إلا أن المديرة الطيبة عملت لي استثناء و دخلت ابنى وهو عنده 17 شهر و قالت لي:” على رأيك ما جتش على شهر” و ضحكت و قلت لها:” بالظبط.. و اهو بكرة يتمه.. كلها شهر يعني”
كنت حاسة إن الدنيا فضيت علي.. خصوصا بعد ما ماما مشيت، و حتى الممرضة، و الست الأثيوبية، و الست صاحبة الحضانة..
لكن فضلت دايما أود جاري اللي جنبي ..و شبه بقيت بعدي عليه انا و ماريو يوميا، و اللي كنا بالنسبة له مصدر الفرحة الوحيد في حياته..
أما على مستوى الفلوس .. فلأني كنت ماضية عقد لأول مرة اني أشتغل بأجر مع مهرجان السينما.. فكانت فرصة كويسة جدا اني انزل شغل 10 أيام من يوم 5-15 سبتمبر وقت ال TIFF
و فعلا بدأت انزل المهرجان، و اللي بالنسبة لي اكتر حاجة بتسعدني، و الشغل فيه بيرد لي الروح
و المرة دي كان مقري هو: Scotiabank Theater وكانت أكبر سينما ..و فيها 13 شاشة عرض و كلها صالات كبيرة..
و كانت وظيفتي اسمها FOHA أو Front of House Assistant كان أقرب وصف لها بالعربي منسقة أو مساعدة ..كنت ماسكة 5 صالات و كان شغلي كله مع فني الصوت، و الفني المسؤول على عرض الأفلام.. و هنا كنت بروح مكان عمري في حياته ما رحته ولا شوفته..
طلعت المكان اللي دايما بنشوفه و احنا قاعدين في السينما عنده اضاءة او بروجكتر و فيه حد وراه، و بيبقى شباك صغير باين في الجدران الخلفية لصالة السينما..
و طلعت المكان ده و تخيلت نفسي زي الطفل (طوطو) في فيلم (سينما باراديزو) لما كان الطفل الصغير مغرم بالسينما، و كان بيطلع دايما عند أوضة (الفريدو) و يقعد معاه و هو بيعرض الافلام من وراء شباكه الصغير..
و من كتر ما اتأثرت بالتجربة دي.. ربطتها بأحداث الفيلم، وكتبت:
“أنا طوطو الصغير الذي كبر على حب، و سحر السينما.. ها أنا أمشي تحت سقف مبنى السينما و أتسأل: هل هذه هي الجنة؟” هذا العام في وقت مهرجان السينما منحت لي فرصة عمري.. و هي أن اكون في غرفة (الفريدو) لأرى كل العمل الشاق الذي ينبعث من ذاك المكان المظلم في الأعلى.. من يعلم إلى أين سيأخذني هذا الشعف”
و بالرغم اني كتبت الكلام ده من أكتر من سنتين، و بالرغم من أن وقتها مكنتش بدأت أي شيء له علاقة بكتابة قصتي، إلا أن النهاردة و أنا بكتب الحلقة دي من فصول حياتي.. وبصيت لقيت إني في ورشة لكتابة السيناريو، و ان عندي مشروع فيلم قصير، و المخرج اللي رشحني للبرنامج ده طلب مني قراية روايتي الأولى- أحلام وردية- و مين عارف إيه اللي هيحصل بعد كده!!
و جه يوم 9 سبتمبر و اللي هو عيد ميلادي، و حاولت اشوف السنة دي مين اللي هيفتكرني خصوصا بعد ما بقيت حاسة ان دايرة معارفي قلت، و كان لازم اشتغل من اول وجديد على دايرة أصدقاء.. مش معارف..
و من حسن حظي افتكرتني صديقتي الفنزويلية اللي كان بقالها فترة مختفية، و جت البيت و جابت لي تورتة و بيتزا.. و جت هي، و جوزها، و طليقها، و كلبهم… و طفوا معايا الشمع.. و كان ابني فاهم انه عيد ميلاده، و طفى هو الشمع بدالي..
و اتفاجأت بعدها بيوم أن إدارة مهرجان السينما احتفلت بعيد ميلادي، و طفيت الشمع تاني، و قالوا لي:
“اتمني امنية.. ”
و اتمنيت اني انزل مصر.. لأني كنت بدأت احس اني لوحدي.. بالرغم من انشغالي.. لكن بدأت أحس بالوحدة غير أي وقت تاني.. مش عارفة ليه!!
و عديت على جاري، و اديته من تورتة عيد ميلادي، و قال لي:
“انا تشرفت جدا بمعرفتك.. انتِ احسن حاجة حصلت لي في المكان ده”
و مش عارفة ليه حسيت انه مش زي عوايده.. كان وشه مختلف و لونه مخطوف، و عينيه شكلها غريب، و سألته:
“تحب أجيب لك حاجة من السوبر ماركت؟ طيب عايز مساعدة في الغسيل؟”
ابتسم و قال لي:” لا شكرا.. انا بكرة جيالي واحدة ست اللي بتساعدني، و هي هتعمل كل حاجة.. كفاية عليكي ابنك و حياتك.. ربنا معاكي”
بس فضل بالي مشغول عليه، و كنت حاسه انه متغير، و مكنتش قادرة اعرف السبب..
و كملت المهرجان لحد ما وصلنا ليوم 13 سبتمبر.. كان يوم جمعة
و خبط علي جاري ومعاة شنطة كبيرة. مليانة عصاير على حلويات على لبن بالشوكولاته.. و قال لي:
“الحاجات دي علشانك انتِ و ابنك..”
و ابتسمت و قلت له:
“ده انت فضيت الثلاجة كده.. اومال انت باقي لك إيه؟
قال لي:” انا مش عايز حاجة .. المهم انتِ و ابنك”
و عرضت عليه انه يطلع عندي، و اعمله شاي أو قهوة، لكن قال لي:
“لا اشكرك.. انا رجلي وجعاني و مش قادر اطلع السلالم دي، وبصراحة انا عايز أنام”
و اعتذر ..بعد ما سلم علي و مشى و راح بيته..
و حسيت ان قلبي كلني عليه، بس قلت ” يمكن مجهد شوية وعايز يرتاح”
و عدى يوم السبت، و كنت مشغولة بالمهرجان لانه كان اخر يوم عمل لي ..
أما يوم 15 سبتمبر و كان موافق الأحد فكان فعليا أخر يوم في المهرجان، لكن الإدارة ادتهوني أجازة… و بكده اقدر اقعد مع ابني في البيت، بدل ما اجيب (بيبي سيتر) وأروح أشتغل..
لكن يوم 15 سبتمبر حصل فيه حاجة فضلت في قلبي و ذاكرتي.. يا ترى إيه اللي حصل في اليوم ده؟
المزيد
1