و صحيت اليوم الرابع على ميعاد أروحه مع البيبي و كان طبعا داخل المستشفى و كان المكان هو (عيادة الرضاعة)..
بصراحة مكنتش متصورة إن الموضوع كبير كده و له متخصصين، بس لأن كندا بلد التخصصات فطبعا حاجة زي كده مش هتفوتهم..
و دخلت مكان كبير و كان فيه عائلات حوالي 5 تانيين غيري، بس الفرق إن الرجالة كلهم كانوا مع ستاتهم أما روميو فكان بيبيجي دايما أخر اليوم يقعد حاجة بسيطة و يروح على طول بحجة انه بيشتغل، لكن أنا عرفت انهم كانوا مديينه أجازة كذا يوم لكن هو فضل انه ينامهم و يتفرج على الماتشات احسن..
كانت المتخصصة بتشرح طريقة الرضاعة المثلى و كل الخطوات و المدة و كل شيء بالتفصيل، و كانت كمان بتشرح للرجالة ازاي ممكن يساعدوا..بدأت تشرح عن الرضاعة الصناعية كمان و اللي بتضطر لها أمهات كتير لأسباب عديدة من ضمنها قلة الإنتاج نفسه و أحيانا انعدامه..
و بدأت فعلا أحس بالتوتر لأني كنت حاسة إني من الستات اللي هتحتاج النوعين من الرضاعة مع الطفل، و ده فعلا اتضح بدري جدا و ساعدتني فيه المتخصصة و تابعت معايا الميد وايف بعد ما خرجت من المستشفى..
و وفرت لي المستشفى لبن صناعي كتير يساعد مع الرضاعة الطبيعية اللي كنت حريصة عليها جدا، لكن طبعا ده مش بأيدي و في ستات كتير جدا بتتعرض للموقف ده و بتبقى حاجة ضد رغبتهم..
و لما جه روميو قعدت اشرح له وحكيت له كمان إن البيبي هيحتاج لبن صناعى جنب الطبيعي و هنا قالي:
“آه ده مصروف زيادة”
قلت له:” بالظبط كده”
قال لي:” بس أهي هانت و الإقامة قربت تطلع زي ما قلت لك و هعوض ابني”
استغربت من طريقة الكلام و قلت له:” أكيد ابننا.. بس قصدك تعوضني صح؟”
قال لي:” أنا حارم نفسي من حاجات كتير علشان الإقامة دي و بصراحة أول ما تطع و اشتغل حاجة حلوة أنا قررت قرار”
قلت له:” إيه هو القرار؟”
قال لي:” هديكي ال 600 دولار بتوع الإيجار وبالنسبة لمصاريف الولد فانتِ هتبدئي تاخديها من الدولة ”
قلت له:” طيب و باقي فلوسك؟”
قال لي:”فلوسي وانا حر فيها.. البس.. اخرج.. أجيب عربية.. أشوف حياتي بقى يا روزة”
كان كلامه معايا جرعة سم مركزة، و طبعا فكرة انه يقول الكلام ده لواحدة لسه قايمة من الولادة كأنه بيقتلني أو قاصد يقتلني..
و كعادتي معاه ما اتناقشتش، لكن صدمت فيه و سكت و خدت البيبي في حضني و نمت..
حلمت بحلم مرعب و غريب .. حلمت إني بحاول اهرب منه بالبيبي بس مش عارفة كل الطرق مسدودة، و لما لقيت طريق واحد لقيته واقف قدامي ومش راضي يعديني.. و صحيت و أنا مفزوعة و خايفة جدا ومش عارفة ليه بدأت أحس إن الحلم ده هيتقلب لحقيقة..
و خبيت عن ماما كل الكلام اللي دار بيني و بينه، و خبيت عنها حتى الحلم، و احتفظت بكل حاجة لنفسي.. طبعا نفسيتي كانت تعبانة جدا، و كانت الطريقة اللي بعبر عنها هي بس الدموع و كنت منتهزة فرصة إن الدكتور و الميد وايف كانوا بيقولوا لروميو و ماما :
“انتم عارفين ده طبيعي .. ستات كتير بعد الولادة بتكون حساسة جدا و بتعيط لأي سبب”
بس الحقيقة اني مكنتش بعيط بدون سبب وكنت بعيط بسبب قرار روميو الظالم ..
و جاتلي صديقتي الفنزويلية و جوزها يزوروني في المستشفى و كانوا أول من شاف البيبي قبل ما نخرج.. كانت صديقتي حاسة اني مش مبسوطة و في حاجة مضيقاني و كان نفسي احكيلها، بس لا المكان ولا الزمان كانوا مناسبين..
و كانت آخر ليلة لي في المستشفى وكانت ليلة ظهر فيها القمر و كنت شايلة البيبي و واقفة ابص على القمر من وراء الشباك و ماما بتكلمني بس أنا مش سامعاها.. كانت كل دماغي في كلام روميو اللي قاله لي و بصيت على السماء و دعيت ربنا و قلت:
“ يا رب لو الإقامة دي فيها خير فعلا لي و لأبني و الرجل ده هيعاملني كويس خليه ياخدها، أما لو كانت فيها شر و هيأذيني فأتمنى و أدعيلك من كل قلبي انه ما ياخدهاش”
و كانت أول مرة ادعي انه ما ياخدش الإقامة اللي أنا بنفسي كنت متحمسة انه ياخدها أكتر منه، لكن حسيت انه لو خدها هشوف أصعب أيام حياتي و بدأ الإحساس يكون قوي جدا و مسيطر علي لأقصى درجة..
و كان خامس يوم وهو يوم الخروج بس الصبح بدري جم أتنين ممرضات و حموا البيبي و غسلوا شعره، بعدين كتبلي الدكتور على روشتة أدوية و كان لازم اصرفها قبل ما امشي..
و لما جه روميو طلبت منه انه يصرف لي الروشتة- و قال لي:
“ انزلي اتمشي انتِ شوية إيه المشكلة يعني!”
و بدون تعليق نزلت و أنا في قمة التعب من ليالي سهري مع البيبي اللي ما بينامش إلا لحظات قليلة جدا، و طبعا عاملة عملية لكن روميو مش شايف و لا حاسس بكل ده..
و اتفاجأت إني لما نزلت علشان اصرف العلاج إني كنت واقفة في طابور .. و غصب عني كنت واقفة في الطابور ده و بعيط.. كانت صعبانة علي نفسي جدا .. يعني أنا والدة و جوزي فوق و ابسط شيء مش عايز يجيبهولي..
لحد ما اللي واقف قبلي أتلفت و قال لي:
“إيه ده .. انتِ بتعيطي و كمان شكلك من نزلاء المستشفى!”
هزيت راسي من غير ما أتكلم..
و لما خدوا الناس بالهم عدوني الطابور و صرفت علاجي و حاولت انشف دموعي قبل ما ادخل الاوضة علشان ماما ما تلاحظش..
و بدأ روميو يزعق لي ويقول لي:
“أتأخرتي ليه؟ إحنا حضرنا الشنط.. يلا اطلبي أوبر”
و فضلت ساكتة تماما علشان ماما ما تتضايقش و لا تتخانق معاه، بس كانت بدأت تلاحظ انه بيتكلم معايا بطريقة سيئة جدا..
و لبست البيبي بدلة التلج و طلبت أوبر و جالنا، و أول ما جينا نطلع بدأت عاصفة تلجية رهيبة و اتجهنا ناحية البيت..
و لما وصلنا نزلت من العربية و شيلت البيبي و لما روميو فتح الباب علشان اطلع على السلالم حسيت إني مش قادرة ادخل البيت.. حسيت إن رجلي وقفت، و قلبي أتجمد، و دموعي بس هي اللي كانت نازلة..
و بصت ماما و قعدت تقول لي:
“بتعيطي ليه؟ أنا حاسه أنه كان بيقولك كلام بيضايقك به و إحنا في المستشفى بس للأسف أنا مش فاهمه”

و هنا انقضت ماما على روميو زي النمر و قعدت تزعق له بالعربي و تقول له:
: لو بنتي جرى لها حاجة أنا مش هسيبك”
و طبعا مش وقته أبدا إني أترجم لهم، لكن كل اللي عملته إني رحت عند ماما و دخلت في حضنها وقعدت أعيط كتير جدا..
كانت ماما متضايقة جدا و قعدت تطبطب علي و تحاول إني أتكلم بس أنا مش قادرة، و لكن بعد ما عدينا الوقت ده و هديت شوية مسكت ايدها و طلعت معاها على السلالم علشان ادخل بيتي مع البيبي..
و دخلت البيت وأنا ماسكة ماما، و روميو هو اللي كان شايل البيبي من بعد ما بدأت أعيط .. دخلت البيت بقلب مكسور و رؤية معدومة من غزارة الدموع .. و أتولد إحساس تاني مع ولادة البيبي و من ساعة ما رجعت البيت و هو الخوف.. الخوف من اللي جاي، و الخوف من روميو نفسه..
و حاول عقلي يطمن قلبي لكن للأسف الاثنين كانوا في موقف واحد و لا يحسدوا عليه.. كان عقلي مشوش، و قلبي هش، و حسيت إن الأيام اللي جاية هتكون صعبة جدا و انه هيكون اختبار كبير لي و لازم اصبر علشان اعدي المحنة دي، و الأهم الدعاء اللي دعيته و أنا في المستشفى يكون دعاء مستجاب لأن مليش حد غير ربنا خصوصا إن ماما قربت تسافر و تسيبنى و لازم أواجه مصيري لوحدي..
بس طبعا وجود ماما فرق معايا في كل حاجة.. يا ترى ماما هتساعدني إزاي في الفترة دي؟

12