كانت كل تجهيزات السبوع عمل منظم جدا و اللي قام به ماما و مرات أخويا… من شراء المستلزمات وعمل اكياس السبوع.. أما أنا كان عندي قائمة طويلة عريضة بناس كتير تيجي السبوع، بس واضح إن الفكرة مكنتش عاجبة ماما و قالت لي:
“إحنا هنعمل السبوع في شقة العجمي علشان الشقة هنا ما تتبهدلش”
قلت لها:” طيب و ليه؟! كده الناس هتستبعد العجمي و محدش هيجي و خصوصا أصحابي”
ردت ماما و قالت لي:”السبوع ده للأهل و مش شرط كله ييجي “
كانت كل تجهيزات السبوع عمل منظم جدا و اللي قام به ماما و مرات أخويا… من شراء المستلزمات وعمل اكياس السبوع.. أما أنا كان عندي قائمة طويلة عريضة بناس كتير تيجي السبوع، بس واضح إن الفكرة مكنتش عاجبة ماما و قالت لي:
“إحنا هنعمل السبوع في شقة العجمي علشان الشقة هنا ما تتبهدلش”
قلت لها:” طيب و ليه؟! كده الناس هتستبعد العجمي و محدش هيجي و خصوصا أصحابي”
ردت ماما و قالت لي:”السبوع ده للأهل و مش شرط كله ييجي ”
و طبعا دي نقطة خلاف أبدية بيني و بين ماما، و يمكن بسببها نفسي اشتري بيت في مصر النهاردة قبل بكرة علشان استقبل فيه كل الحبايب والقرايب..
و صممت و قررت ماما إن السبوع يكون في شقة العجمي و أنا مكنتش متحمسة للفكرة، لكن اضطربت ارضخ لها لأني معنديش أختيار تاني…
و عزمت ناس كتير، لكن أكتر من نصهم اعتذر و قال لي:
“لا العجمي بعيدة علينا اسمحي لنا مش هنقدر نيجي”
يومها و إحنا في الشقة هناك و قبل السبوع بحاجة بسيطة كنت متضايقة من الموقف ده بس ماما حاولت تبين لي إنها حاجة عادية، لكني بصراحة كنت مش مبسوطة من القرار ده خصوصا إن من أسباب نزولي مصر الأساسية هي السبوع..
و بدأ السبوع اللي حضره اكتر خالتين بيحبوني و أولاد واحدة منهم، و خال واحد من أصل 7، و طبعا و لا صديقة جت من صديقاتي و حتى عيلة بابا كلهم اعتذروا..
و لبست البيبي طقم إيطالي كنت جايباه من محل جميل من المنطقة اللي عايشة فيها في كندا، و كان من أحلى و أقدم محل أطفال فيها..
و حطينا البيبي في الغربال و التفت الأطفال حواليه و غنينا للبيبي كلنا وقلنا له:” حلقاتك برجالاتك”
كنت طايرة بالمشهد ده و دايما بتخيله و أنا قاعدة لوحدي.. كنت شايفة الفرحة في عيون أهلي، و خصوصا خالاتي اللي بيحبوني.. إحساس إن الحاجة طالعة من القلب لها معني تاني و كبير و مكانش في أي مكان لأي ابتسامة صفراء، أو حقد من أي حد..
و خلص السبوع الجميل و رجعنا للبيت الأول لأن طبعا كان ورايا مصالح كتير لسه مخلصتش أهمها تقديم كل الأوراق لمصلحة التأمينات..
و فعلا رحت استلمت كل حاجة كان ميعاد استلامها.. من بطاقة، لنتيجة الكشف الطبي و طلعت بهم على التأمينات اللي كانت طبعا تضرب تقلب، و هرج و مرج مشوفتش زيه قبل كده..
و بعد عناء شديد كالعادة وصلت للموظف اللي بصلي كده وهو بينفخ سيجارته و مش طايق نفسه و قال لي:
“طيب يا أستاذة كده فاضل نعاين المكان”
و ده طلب مجحف جدا من ضمن طلبات التأمين بالنسبة للمرشد سياحي، و للأسف المكان القديم اللي مثبوت على البطاقة كنا سبناه من سنة 2008 يعني هيعاين مكان أنا مش عايشة فيه..
لكن بفراستي رحت قبل المعاينة بيوم و وصلت لصاحب العمارة اللي اتكلمت معاه و شرحت له الموقف و قال لي:
“خلاص إحنا هنأكد للي هيجي انكم ساكنين هنا”
و فعلا دي الحقيقة.. يعني في بدايات 2008 إحنا كنا ساكنين هناك و ده كان التاريخ اللي المفروض افتح فيه ملف التأمينات و معملتش كده لأنه كان وقتها مش أجباري على المرشد السياحي اللي ما بيزاولش المهنة انه يفتح تأمينات، لكنهم غيروا القانون السنة دي على حظي و أصبح إجباري..
و خلصت المهمة دي و بكده أنجزت مصالحي الحكومية، و خلاص فاضل أخر خطوة و هي إني أشوف اللي متقدر علي من غرامة عن عدم فتحي ملف تأميني لمدة 10 سنين و ادفع الفلوس، بعدين يكون الدفع بشكل نصف سنوي..
و اتفاجأت انهم قدروا علي 14 ألف جنية… طبعا مبلغ كبير و حاولت الملمه من كل حساباتي القديمة لحد ما أتبقى مبلغ قليل كنت عاملة حسابي إني اشتري به حاجات قبل ما أسافر.. وفعلا دفعت كل الفلوس للتأمينات..
و خلص المشوار اللي فعلا كان عامل زي العلقة، لكن إحساسي إني أنجزت كان كبير جدا و اسعدني حقيقي..
وبدأ العد التنازلي و إني خلاص فاضلي أسبوع و امشي من إسكندرية، و طبعا كان لازم أشوف أصحابي، و أهلي قبل ما امشي، و كمان اتفسح، و اروح كل الأماكن اللي بحبها..
و خدت البيبي و نزلت وعملت له جولة في الترام بس المرة دي اختارت (ترام كافية)، و كانت فكرته جديدة و جميلة جدا، و طلبت واحد قهوة و أنا واخده الترام من سان استيفانو لحد محطة الرمل..
و نزلت أتمشيت في محطة الرمل و البيبي شايلة بالحمالة اللي كانت مسهلة علي الحركة به، و جبت سندوتشات فول و فلافل من عند محمد أحمد و رحت قعدت على الكورنيش و البيبي في حضني و قعدت اكلمه و القنه دروس عن حبي لمصر، و حبي لإسكندرية، و قلت له:
“إنت عارف المهاجر ده مش عميل و لا جاسوس و لا واحد كاره بلده.. ده واحد ممكن تكون ظروفه دفعته للبعد، و ممكن كمان شخصيته كانت محبه للتغيير و انه يطور من نفسه، لكن ده عمره ما هيخليه يكره بلده أو يتعوج عليها لإنها ببساطة لها فضل كبير عليه في كل حاجة.. كفاية إنها أسسته و أكيد شاف فيها أيام حلوة كتير يمكن أكتر من الأيام المرة و هيفهم ده بعدين، لكن طول ما هو موجود فيها مش هيبقى حاسس بالكلام ده ”
كان البيبي بيسمعني باهتمام و كنت حساه فاهمني و كملت كلامي و قلت له:
“كده يا بطل أنا ترجمت لك كل أوراق أبوك، و أول ما ارجع كندا هطلعك شهادة ميلاد مصرية علشان تبقي مصري على الورق كمان ”
و طلعنا على بحري و جبت أيس كريم من عزة و كملت التمشية لحد القلعة و بعدين خدت الأوتوبيس من أول الخط لحد سان استيفانو و رجعت البيت و حكيت لماما على الفسحة.. ضحكت و قالت لي:
“يالهوي عليكي!!.. أوتوبيس و مواصلات عامة.. يا بنتي ما ينفعش .. طيب اركبي تاكسي و لا أوبر”
قلت لها:” و ليه أضيع فلوسي، و بعدين و أنا في كندا بركب يعني تاكسي و لا أوبر!”
قالت لي:” كندا حاجة و مواصلات مصر حاجة تانية”
قلت لها:” بالظبط.. مواصلات مصر احلى 100 مرة من مواصلات كندا”
ضحكت ماما وقالت لي:” دماغك ناشفة و عموما انتِ حرة اركبي الأوتوبيس”
و أصلا المفارقة ان ماما نفسها كان بقالها عشرات السنين ما ركبتش الأوتوبيس اللي حقيقي كان أحلى من أتوبيسات تورنتو بمراحل، و من غير أي تحيز..
و خلصت جوالاتي و قدرت إني أقابل كل أصحابي في مول سان استيفانو. و بكده فاضلي يومين قررت فيهم إني اشتري حاجات تكون نواة لمشروعي الأول في كندا.. يا ترى إيه الحاجات اللي هشتريها؟ و هل فعلا هنفذ المشروع ده؟
المزيد
1