كان شتاء 2018-2019 من أصعب فصول الشتاء اللي مرت علي في كندا من أول ما جيت، و لحد وقتنا هذا.. كان برد و ثلج كتير جدا، و من أول يناير العواصف التلجية ما بطلتش، و ده معناه اني هتبهدل احلى بهدلة مع البيبي وعربية الاطفال، و معاناة شديدة مع مواصلات تورنتو اللي هي اكيد مش احلى حاجة في المدينة خصوصا الاوتوبيس..
طبعا في الوقت ده كان مطلوب مني اني ادور على سكن لأني كمان شهر ونص كان لازم اطلع.. و فكرة اني اروح و انزل بالبيبي او حتى لوحدي لو قدرت اروح اشوف حاجة و هو في الحضانة كانت عذاب.. لكن طبعا كانت مهمة لابد من اتمامها في اسرع وقت..
كان شتاء 2018-2019 من أصعب فصول الشتاء اللي مرت علي في كندا من أول ما جيت، و لحد وقتنا هذا.. كان برد و ثلج كتير جدا، و من أول يناير العواصف التلجية ما بطلتش، و ده معناه اني هتبهدل احلى بهدلة مع البيبي وعربية الاطفال، و معاناة شديدة مع مواصلات تورنتو اللي هي اكيد مش احلى حاجة في المدينة خصوصا الاوتوبيس..
طبعا في الوقت ده كان مطلوب مني اني ادور على سكن لأني كمان شهر ونص كان لازم اطلع.. و فكرة اني اروح و انزل بالبيبي او حتى لوحدي لو قدرت اروح اشوف حاجة و هو في الحضانة كانت عذاب.. لكن طبعا كانت مهمة لابد من اتمامها في اسرع وقت..
كنت تقريبا بروح اشوف من مكان لمكانين في اليوم وكنت بلف كتير جدا حتى في الويك اند، لكن للأسف كل الاماكن اللي بدأت أقدم عليها و اللي كانت حصيلة اللي بعتهولي قسم إسكان الطوارئ في البلدية و اللي بلاقيهم لوحدي كلهم بيرفضوا طلبي.. لأن دخلي صغير، و معنديش شغل، و بالتالي لأ يعني لأ..
كنت كل ما اروح و اقدم و اترفض كنت بتضايق جدا .. كنت بحس اني في اختبار صعب جدا و لازم اعدي منه.. حاولت أحفز نفسي بنفسي.. حاوت اسمع و اشوف قصص ناس اتبهدلت و اتعذبت لحد ما وصلت و عدت من كل الصعب و وصلت لبر الأمان.. علشان اتعلم منهم و ما افقدش الأمل..
كنت بكتب لنفسي عبارات تحفيزية كتير في الفترة دي و منها:
أنا أعلم إن الحياة صعبة و كلها تحديات، و في معظم الوقت غير عادلة.. لكن تكافىء الصابرين الذين يؤمنون باحلامهم، و أنا أومن بأحلامي…
كان حلمي في الوقت ده هو اني الاقي مكان.. بيت حلو مش مؤقت.. بيت استقر فيه المرحلة اللي جاية و يكون افضل ما يكون بالنسبة للمرحلة.. و فعلا ده اللي هيحصل بعد أقل من 3 شهور من التاريخ ده..
وأصبح التدوير على سكن و دخولي بيوت كتير عادة يومية و كان دايما البحث عن Basement يعني البدروم.. لكن واضح ان البدروم كان صعب جدا الحصول عليه في الوقت ده بسبب ظروف دخلي و شغلي..
كان وقتها دخلي في حدود ال 1600 دولار و اي بدروم اقل حاجة ب 1100 ،و طبعا من وجهة نظر صاحب البيت دخلي قليل جدا بالنسبة للبدروم..
و استمر الثلج، و الشتاء القارس، و ظهرت مشكلة في كل أنحاء مقاطعة أونتاريو مش بس تورنتو.. الملح اللي بيستخدموه و المعروف بالملح الصخري قل جدا و مابقاش عندهم مصادر ليه لأن الملاحة الرئيسية في أونتاريو و المسؤولة عن اكتر من 70% من إنتاج الملح المستخدم قفلت لأن العمال متظاهرين و انقطعوا عن العمل في الشهور اللي قبل الشتاء.. و جه موسم الشتاء، و لما استجابوا لطلبهم كان الوقت متأخر جدا لإنتاج الكميات المطلوبة، و هنا بدأت كل البلديات تدور على مصدر تاني للملح و هو أنهم يستوردوه..
كنت بتابع الأخبار دي بشغف كبير، و لقيت نفسي بكلم المكتب التجاري المصري في مونتريال، و طلبت منهم دراسة شاملة عن الملح الصخري.. و هل مصر بتصدره؟..
و فعلا لقيت ان مصر بتصدره لدول تانية زي الدول الأوروبية، و الاسكندنافية، لكن ما صدرتش لكندا لصعوبة البيزنس، و لأن الدخول في المجال ده مش سهل في كندا، و في منافسة عالية جدا..
مهمنيش، و عجبتني الفكرة جدا، و سيطرت على لدرجة اني قررت اني ادرسها و تكون هي فكرة مشروعي الجديد اللي هبدأ ادرسه مع برنامج Access للبيزنس
و فعلا سجلت في برنامج Access، و قدمت فكرتي، و عجبت ناس كتير خصوصا ان كله كان سامع عن أزمة الملح الصخري في أونتاريو..
كنت واحدة من ضمن ناس كتير، و لاحظت ان اغلبيتهم جنسيتين: ايرانيين و برازليين..
كان معظم الناس دي شغاله، لكن نفسها تعمل البيزنس بتاعها و تاخد خطوة فعلية نحو تحقيقه..
كانوا جد جدا و معظمهم دكاترة و مهندسين و صيادلة، و حقيقي كانت مجموعة متميزة جدا..
كانت أفكارهم كتير و حلوة زي:
برازيلي فكرته انه يتاجر في الفحم و يستورد من البرازيل
صيدلي ايراني هيأسس مكتب متخصص في التوريدات الطبية، و يكون حلقة وصل بين ايران و كندا
صيدلي بيدرس فكرة توزيع أجهزة لضبط دقات القلب و كان هو كمان ايراني
أخصائين تغذية (رجل و مراته) برازيليين بيدرسوا فكرة مشروع مطعم صحي متنقل(فوود ترك)، و يكونوا هم الموردين لها في السوق الكندي
و افكار تانية كلها محورها: برامج تدريبية وتعليمية
و اكتر فكرة كانت مختلفة: مطربة و عازفة موسيقى تقليدية بولندية، و محاولتها لتأسيس فرقة موسيقية، و انها تكون واخدة كمان شكل شركة..
كانت افكارنا كتير و متنوعة، و كانت اعمارنا متفاوتة من اول ال 25 لحد ال ،55 و كنت انا في كل الجروب في الوسط.. من ناحية . الخبرة والسن، لكن كنت الأكثر حماسا..
و بدأت تكون حياتي جامدة وباردة تمام زي الجو، و صلبة جدا زي الملح الصخري اللي بفكر فيه ليل نهار..
و كمحاولة مستمرة مني اني اكسر حدة الحياة دي كنت بخصص ساعتين يوميا في الأسبوع اني اعمل نشاط مع البيبي و اروح اجيبه بدري من الحضانة.. و هنا قررت اني اخده دروس سباحة تبع بلدية تورنتو..
كانت الدروس مجانية و ده لأن جالي على البيت جواب اسمه (welcome policy) و ده لأني باخذ الأعانة من الدولة بالتالي لي بعض الخدمات المجانية و من ضمنها النشاط الرياضي.. كان الحساب فيه 250 دولار لي استخدمهم في أي نشاط انا عايزاه و 500 دولار للطفل.. و هنا مكدبتش خبر، و سجلت له في دروس السباحة و هفضل مواظبه عليها لشهور وشهور..
كنت سعيدة جدا بفكرة اني بدأت له دروس سباحة و هو عمره 9 شهور بس، و طبعا السباحة من أهم الانشطة الرياضية من وجهة نظري اللي لازم اي حد يتعلمها..
و ركزت كمان اني اوديه برامج للعب كانت في نفس المركز اللي بنروحه وكان مركز قريب جدا من الحضانة بتاعته، و كانت مش مجانية.. لكن بالنسبة لي مجانية لأن الكارت اللي ادتهوني المدينة للأنشطة مغطيها..
كنت بتبسط جدا معاه، و كانت محاولة مني لتجديد طاقتي، و التفكير في حاجات مختلفة، و اني اشوف ناس جديدة كعادتي..
و في يوم من ايام الشتاء القارس كانت درجة الحرارة 20 تحت الصفر، و الإحساس الحقيقي 30 تحت الصفر.. كنت راكبة الترام و هي المواصلة الوحيدة من الحضانة لبيتي.. لكن حصلت حاجة كانت متكررة لكن المرة دي كانت الأسوأ.. عطل الترام و نزل كل الركاب و طلع السواق، و قال لنا:
“يا تاخدوا تاكسي ، يا تمشوا.. مفيش مواصلات لحد على الاقل ساعتين من دلوقتي”
كنت عايزة اقول له:” ساعتين من دلوقتي لو استنينا في الجو ده هنموت.. هل انت عبيط!”
و خدتها من قصيرها و اتصلت بـ أوبر اللي معرفش يوصل ابدا بسبب الثلج، و الشوارع كانت مقفولة تماما، و باتالي فضل لي حل واحد فقط.. و هو المشي..
و مشيت في درجة الحرارة المرعبة دي و انا بزق عربية الاطفال و اطلع على تلال من الثلج، و كانت ايدي و دراعي بيوجعوني جدا، لكن اعمل ايه ما باليد حيلة..
وقتها حقيقي زاد كرهي للمواصلات العامة الغير ادمية، و ظروف الجو، و حقيقي كنت متضايقة جدا .. لكن في وسط النكد ده وقبل ما يسيطر علي أي إحساس بالكآبة.. شغلت التليفون بتاعي علشان اسمع اغنية لكارول سماحة (انسى همومك) و اللي كانت بتفرفشني جدا في المرحلة دي و كانت بتقول:
تعا إنسى همومك تعا
نغني نفرح سوا
عش أيامك كأنك عايش أخر مرة
تعا ننسى همومك سوا
طير وخلي الهوا يرقص يفرح
كأنك عايش آخر مرة
ممنوع تكفي حياتك مكبوت
تلغي كيانك لتكون تشبه كل الناس
على أي أساس
مسموح تعيش احساسك مسموح
تعيش للآخر وتروح تعدي كل الناس
اجمل احساس اجمل احساس
و فضلت ادندن معاها لحد ما وصلت البيت… بعد معاناة من المشي في الجود المتعب ده لمدة 45 دقيقة كاملة..
و انتهى شهر يناير ببرده، و تعبه، و داخلين على شهر أبرد منه و هو فبراير.. يا ترى هيكون فبراير وشه حلو عن يناير؟ هل هلاقي سكن؟ و مين الضيف اللي هتكون زيارته مفاجأة كبيرة لي في الشهر ده؟
المزيد
1