و ما صدقت ان الصبح طلع علي، و جريت على المبنى اللي كان قدام البيوت اللي كان بيت الأشباح واحد منهم، و رحت ادور على مشرف السكن وحكيت له الحكاية كلها، و هنا المشرف اتفاجأ جدا و حس اني خدعته، لكن اللي خدعته اكتر بناء على كلامه كانت (السنجل مام)..
و قال لي:” طيب احنا عندنا جوه المبنى ده قسم شرطة بلغيهم و فعلا بلغتهم”
و برضه المشرف والشرطي اقترحوا علي اني اروح (شيلتر)، لكن انا رفضت و حاولت اتصدى للست دي و اصعد الموضوع اكتر..
و بالرغم من اني في الفترة دي كانت مسيطرة على روح المرأة الحديدية و اني هتصدى للست دي و جوزها.. إلا ان من جوايا كنت متوترة و كان نفسي احكي لحد الحكاية..
و لأول مرة اكلم ماما و احكيلها موضوع صعب و انا لسه في اوله، و طبعا ماما اتعاطفت معايا و اتضايقت جدا و قالت لي:
“انزلى مصر فورا.. انا ما اضمنش تعمل فيكي ايه الست دي هي و جوزها”
لكن انا كنت مصممة اقعد و اشوف القصة دي هتخلص على ايه، و كمان بعد اسبوعين عندي جلسة مهمة جدا في محكمة الأسرة ما ينفعش ما احضرهاش ابدا..
اللي ضايقني جدا ان واحدة من خالاتي المقربات كلمتني بتلومني جدا اني حكيت لماما التفاصيل بتاعة القصة دي و قالت لي:
“ما كانش ينفع تحكي لمامتك و تقلقيها”
وقتها رديت على خالتي و انا عصبية جدا و قلت لها:” انا عمري ما حاولت اقلق ماما علي و مريت ببلاوي كتير و محدش كان عارف و لا حاسس بي، لكن المرة دي بس حسيت اني محتاجة احكي لها… فلو سمحتي ما تحكميش على الموضوع من ظاهره بس”
و ما حاولتش اخد و ادي كتير في الموضوع ده مع خالتي لأن اللي انا فيه في كندا كان اصلا واخد كل طاقتي، و تفكيري، وتركيزي..
اما ماما فلما لقيتني مصممة اني ما انزلش و اسيب المعارك اللي ورايا قالت لي:” خلاص يا بنتي هحاول اجيلك في اول فترة ممكنة و اهو اخد بحسك شوية.. و طبعا كنت صعبانة عليها بكل اللي مريت به و اللي بمر به من ساعة ما رجعت من اجازتي في مصر”
و بالرغم ان (السينجل مام) خافت من مكاملة البوليس و مجاتش بنفسها هي و جوزها علشان ترميني في الشارع زي ما قالت، إلا أنها سلطت علي جارتها الكاريبية و عيالها و كانوا بيحاولوا يرعبوني طول ما انا قاعدة في البيت..
كانوا بيخبطوا على البيت ابتداء من نص الليل، و كمان كانوا بيحاولوا يشيلوا حاجات و يحطوا حاجات من الحديقة الخلفية(الباك يارد)، و علشان ما ادخلش معاهم هم كمان في مشاكل كنت بشوفهم و اطنشهم تماما وكأنهم ما بيعملوش حاجة..
و حاولت اخد خطوة علشان اعرف انا ممكن اعمل ايه الفترة دي، و كلمت إدارة الإسكان قسم التحقيقات و اللي بيتولى ويحقق في أي قضية نصب واحتيال- Fraud- خاصة بوحدات سكن الحكومة..
و بمنتهى الصراحة و الشفافية حكيت لهم على كل حاجة و على دوري في الموضوع بالظبط.. طبعا انا كنت بكلمهم و انا متأكدة انهم هيكونوا ضدي… بس مكانش هاممني كان هاممني اكتر اني اعلم (السينجل مام) دي درس و انا لي ربنا بعد كده..
و اتفاجات انهم حولوني على مدير القسم اللي حدد ميعاد اني ييجي البيت و يقابلني.. وفعلا جه و معاه اثنين ثانيين و حكيت لهم كل حاجة و طلب مني الآتي:
1- صورة العقد اللي بيني و بينها
2- اثبات التحويلات اللي بتثبت اني بحولها ايجار شهري عن طريق البنك
3- الايميلات اللي بيني و بينها
4- رسايل الاتفاق
5- رسايل التهديد
و خد كل حاجة و قال لي:”مبدئيا احنا مش هنحملك المسؤولية لأنك مش صاحبة البيت، و مش انتِ اللي قمتي بالفعل .. كمان هي اللي سوقت للوحدة مش انتِ، و بالتالي هي المذنبة.. لكن الموضوع هيروح المحكمة و انتِ طبعا طرف فيه، لكن احنا هنصدر قرار من الإدارة فوري علشان نقوي وضعك الحالي و في القضية… و هيكون كالتالي:
“هنسمحلك تعيشي في الوحدة دي تحت حمايتنا و موافقتنا، و عليكي التوقف تماما على تسديد اي فلوس لها او لينا لأن الوحدة رسميا مش بتاعتك، و هنصدر أمر سريع خاص بالتاريخ المسموح لكِ انك تقعدي في الوحدة دي.. أما هي فهنخطرها بميعاد الجلسة و اللي هتكون في يناير و احتمال نطلبك… و احتمال نكتفي بس بالمستندات اللي قدمتيها.. عموما انا بنفسي هتابع معاكي”
و فعلا رجع المدير على المكتب و في نهاية اليوم كلمني و بعدها بعتلي جواب رسمي خاص بالتاريخ المسموح لي اني اقعد فيه في الوحدة و هو : 1 فبراير 2019 .. و كانت دي بالنسبة لهم هي فترة السماح اللي من حقي اقعد في البيت بصورة مؤقتة لحد ما الاقي حاجة تانية..
كانت بالنسبة لي النتيجة دي مرضية جدا، وأهم حاجة انى بقيت في النور، و مش مستخبية من حد، و لا من حاجة، و لا من نظام..
طبعا كان جواب الإدارة دي للسينجل مام اقوى و احسن رد مني على أفعالها اللي حقيقي أفعال غير متزنة و كلها مبنية على الاستغلال..
و بدأت افهم ان الفترة اللي جاية هيكون محورها اني ادور على سكن جديد، وكنت عارفة و متأكدة انها مهمة مش سهلة..
و كعادتي حاولت افصل عن المشاكل بأني اعمل حاجة مختلفة و جديدة..
و خدت البيبي ورحت به مول جميل و شيك في نورث يورك اسمه (يورك ديل) و رحنا علشان نتصور مع (سانتا كلوز) صورة الكريسماس، و كانت بالفعل ليلة الكريسماس 24 ديسمبر..
صورت البيبي مع سانتا، وافتكرت من سنتين لما كنت لسه جاية على كندا وكنت بشتغل مساعدة سانتا واتمنيت اني اجي اصور البيبي مع سانتا زي ما كنت شايفة الاطفال بتتصور معاه..
و بصيت على الصورة و لقيت فيها انا و البيبي و سانتا، لكن خلاص مفهاش ابو البيبي… و كان لازم اتقبل الواقع، و إني كمان بقيت (سينجل مام)..
كنت عارفة و مازالت مؤمنة بأن الصبر مفتاح الفرج خصوصا في كندا.. كنت واثقة ان صبري هيعوضني كتير في الأخر و هوصل لكل اللي انا عايزاه.. بس كان لازم اكمل في اي حاجة بعملها، و اصبر على قد ما قادر..
و لأن ربنا عوضني بحب ناس كتير واصدقاء وجيران كويسة جدا فانهالت علي هدايا كتير من جارتي التركية، و من جارتي استاذة الانجليزي من البيت القديم، و من صاحبة الحضانة.. و لقيت كمية هدايا لي و للبيبي و عليها رسايل كلها بتأكد لي حبهم لي، و انهم دايما حواليا و جنبي لو احتاجت لهم..
كان الجو برد بس جميل و قعدت ابص على التلج وهو نازل من وراء شباك بيت الأشباح… كنت متوقعة ان الخير هينزل علي من السماء تمام زي ما التلج نازل..
و عدت فترة الكريسماس و اجواءها المبهجة و اللي حقيقي بحبها جدا.. و جه يوم رأس السنة اللي هقرر اني احتفل بها على طريقتي.. يا ترى احتفلت برأس السنة اللي تعبتني أوي دي إزاي؟ و إيه هي امنياتي لسنة جديدة من عمري في كندا؟

7