في تصعيد جديد، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعليق بلاده مشاركتها في معاهدة “نيو ستارت”، التي تعد آخر اتفاقية متبقية مع الولايات المتحدة للسيطرة على الأسلحة النووية في ظل توتر العلاقات على خلفية الحرب في أوكرانيا.
في تصعيد جديد، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعليق بلاده مشاركتها في معاهدة “نيو ستارت”، التي تعد آخر اتفاقية متبقية مع الولايات المتحدة للسيطرة على الأسلحة النووية في ظل توتر العلاقات على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وذكر محللون لموقع “سكاي نيوز عربية” أن روسيا تستهدف من هذه الخطوة بعد عام من الحرب “إظهار القوة وأنها لن تكون مقيدة بأي معايير غربية”، وكذلك “زيادة الردع النووي”، مؤكدين أن قرار بوتين يشي بأن “موسكو ليس لديها أي نية للدخول في مفاوضات سلمية”.
ولدى كل من أميركا وروسيا ترسانات ضخمة من الأسلحة النووية تشكل معا حوالي 90^ من الرؤوس الحربية النووية في العالم.
أبرز تصريحات بوتين خلال خطابه السنوي:
في بداية فبراير طالب “الناتو” بالعودة إلى معاهدة “ستارت” بما في ذلك إتاحة الفرصة للاطلاع على قوات الردع النووية الروسية إنه مسرح العبث بعينه.
“الناتو” يريد إلحاق “هزيمة استراتيجية” بروسيا، وبعد ذلك يريد أن يشرف على منشآتنا النووية.
“الناتو” يتضمن دول ذات ترسانة نووية، ليس فقط في الولايات المتحدة بل وكذلك في بريطانيا وفرنسا، وجميعها موجهة ضد روسيا. ويجب أن نضع ذلك في الاعتبار في الظرف الراهن.
روسيا تعلق مشاركتها في معاهدة الأسلحة الاستراتجية والهجومية.
إذا قامت أميركا بإجراء تجارب نووية، فنحن سنقوم بالمثل، أي حديث عن الإخلال بنظام الردع النووي غير صحيح.
ما هي معاهدة نيو ستارت؟
بدأت فعليا في ثمانينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان عقب محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية في السبعينيات حيث تم الاتفاق على خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية وتم الاتفاق على عمليات التفتيش والتحقق بموجب “ستارت 1”.
وآنذاك منعت المعاهدة الموقعين عليها من نشر أكثر من 6000 رأس نووية فوق 1600 صواريخ بالستية عابرة للقارات والقاذفات.
1991، وقع البلدان معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية “ستارت 2” لخفض الأسلحة النووية حيث اتفقا على خفض عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية إلى 3500 بحلول العام 2003.
في 8 إبريل 2010 بالعاصمة التشيكية براغ، جرى توقيع معاهدة “ستارت 3” من قبل كل من الرئيسين الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، والأميركي الأسبق باراك أوباما، ودخلت حيز التنفيذ في 5 فبراير 2011.
ووفق الاتفاقية تلتزم موسكو وواشنطن بنشر ما لا يزيد عن 1550 رأسا نوويا استراتيجيا و700 صاروخ طويل المدى وقاذفات قنابل وتخفيض عدد منصات الإطلاق والقاذفات الثقيلة إلى 800 قطعة.
نصت على السماح لكل طرف بإجراء ما يصل إلى 18 عملية تفتيش للتحقق من التزامه ببنود المعاهدة.
كانت آخر اتفاقية عسكرية متبقية بين البلدين وكانت آخر معاهدة مكن الجانبان من الاتفاق على تمديدها بعد انسحابهما في العام 2019 من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وانسحاب واشنطن من اتفاقية “الأجواء المفتوحة” للمراقبة.
واجهت مصيرا مجهولا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب جراء إصرار إدارته على إشراك الصين في المفاوضات وانضمامها إلى المعاهدة.
كان مقررا أن تنتهي الاتفاقية في فبراير 2021، إلا أن واشنطن اقترحت تمديدها 5 سنوات، وقد وافقت موسكو على ذلك.
21 ةفبراير 2023، قرر الرئيس الروسي تعليق العمل بالاتفاقية.
وتعقيبا على هذه الخطوة، قال المحلل الاستراتيجي وخبير الشؤون الدولية المقيم في روما، ميتشل بيلفر لـ”سكاي نيوز”:
الخطوة الروسية تهدف إلى زيادة الردع النووي من خلال تقليل الشفافية النووية.
منذ بداية الحرب، حاولت روسيا استخدام الخطاب النووي لتخويف الناتو وتقليل دعمها لأوكرانيا.
حقيقة أن الناتو يواصل دعم أوكرانيا بالمعدات والاستخبارات العسكرية يعني أن التهديدات الأولية لروسيا قد ثبت أنها جوفاء.
من خلال الانسحاب من معاهدة نيوستارت، تكون موسكو، في الأساس، تعمل على الأقوال، وتقلل من ميزان القوى الذي كان موجودًا في العقود السابقة.
من المستبعد جدًا أن تستخدم روسيا الأسلحة النووية في أوكرانيا، هي تعرف أنها إذا استخدمت سلاحًا نوويًا، فلن يكون هناك ما يمنع الآخرين من استخدامه ضدها.
بدورها، قالت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان لموقع “سكاي نيوز عربية”:
الخطوة الروسية تعني تصعد موسكو من مستوى عدوانها خاصة أنها تشكل تحالفات قوية مع الصين وإيران اللتين تدعمانها بالمساعدة والدعم السياسي، والآن إيران تمدها بالسلاح وقد تفعل ذلك بكين في المستقبل القريب.
سبق لروسيا أن علقت مشاركتها في معاهدات أخرى مع الولايات المتحدة، في إشارة إلى أنها ليست شريكًا جديرًا بالثقة في أي اتفاقيات ومشاركات دبلوماسية، عن طريق الانسحاب أحادي الجانب كإظهار للقوة.
الآن من خلال الانسحاب من آخر معاهدة نووية متبقية مع الولايات المتحدة، ترسل روسيا إشارات إلى شعبها بأنها لا تعتبر أيًا من هذه الاتفاقيات السابقة مشروعة، وأنها لن تكون مقيدة بأي معايير غربية، وأنها تعتبر الانتشار النووي في مصالحها الخاصة، وأن تبني الموقف المعادي للغرب بشكل متزايد هو في المصلحة الوطنية لروسيا – على الرغم من حقيقة أن الاقتصاد يتدهور وأن معظم الروس يعانون من آثار سيئة.
بوتين بهذا الإعلان يلوم الغرب على الحرب، من الواضح أنه لا يعتبر أوكرانيا، مهما كانت النتيجة النهائية، معركته الأخيرة ضد الولايات المتحدة، وليس لديه أي نية للدخول في مفاوضات سلمية من أجل الانسحاب لأنه لا يعتبر ذلك عرضًا للضعف فحسب.
رامى بطرس
المزيد
1